العدد 1374 - السبت 10 يونيو 2006م الموافق 13 جمادى الأولى 1427هـ

دور المواطن في رفع كفاءة محطات المعالجة وإعادة الاستخدام

وليد خليل زباري Waleed.Zubari [at] alwasatnews.com

وليد خليل زباري

يتسبب كثيرون منا، بإهمال غير مقصود ربما، في المساهمة في تقليل كفاءة محطات معالجة مياه الصرف الصحي بالمملكة وكفاءة إعادة استخدامها وأحيانا تعطيلها وذلك بإلقائنا الكيماويات المنزلية والأصباغ وزيوت السيارات المستعملة والزيوت المعدنية والأوراق والمواد الصلبة الأخرى في شبكة المجاري المنزلية، إذ إن هذه المحطات غير مصممة لمعالجة هذه المخلفات الصناعية. وتدل الكثير من الدراسات الحديثة على أن نسبة كبيرة من إعطاب محطات معالجة مياه الصرف الصحي المنزلية، أو عدم صلاحية مياهها المعالجة لإعادة الاستخدام، ناتج بشكل رئيسي عن رمي المخلفات الصناعية في شبكة تجميع مياه الصرف الصحي. هذا بالإضافة إلى زيادة مخاطر إعادة استخدام المياه المعالجة من هذه المحطات في الري الزراعي بسبب إمكان إدخال مواد ضارة بالنبات، وكذلك الإنسان عند استهلاكه لثمار النباتات التي تم ريها بهذه المياه.

وفي محطة توبلي المركزية لمعالجة مياه الصرف الصحي يتم إتباع ثلاث مراحل، مصممة للتعامل لمعالجة هذه المياه، إذ يتم في المرحلة الأولى التخلص من المواد الصلبة العالقة والطافية من المخلفات المائية، وفي المرحلة الثانية يتم التخلص من المحتوى العضوي ذي الحاجة البيولوجية - الكيماوية للاكسجين (الاعتماد على مجموعة من الكائنات الدقيقة لتقوم باستهلاك المحتوى العضوي القابل للتحلل البيولوجي)، وفي المرحلة الثالثة يتم التخلص من المواد العضوية غير القابلة للتحلل البيولوجي وقتل الميكروبات والكائنات المسببة للأمراض. وصممت المحطة للتعامل مع هذه المياه والمواد العضوية الناتجة من فضلات الإنسان، ولا يمكنها التعامل مع الكيماويات والعناصر الثقيلة والسامة والمواد العضوية والهيدروكربونية الأخرى التي من الممكن أن تصل المحطة عن طريق المنازل أو الورش أو المصانع.

وحاليا ينفذ المسئولون عن المياه في المملكة خططا طموحة لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في القطاع الزراعي والبلدي (التشجير والمسطحات الخضراء) لتوفير متطلبات مياه الري في هذين القطاعين، ولتخفيف الضغط على المياه الجوفية المستنزفة حاليا بإحلالها محلها وتعديل مناسيبها المائية ومستوى ملوحتها بحيث تؤمن مخزونا استراتيجيا صالحا للاستخدام في حالات الطوارئ بالمملكة، بالإضافة إلى تخفيف العجز المائي العام بالمملكة. وقد خصصت الدولة موازنات ضخمة لمشروع تحديث وتوسعة محطة توبلي المركزية للمعالجة وإنشاء شبكة نقل المياه المعالجة ثلاثيا من المحطة إلى المناطق الزراعية، تم الحصول عليها على هيئة قروض بلغت الكلفة التقديرية لها نحو مليون دولار (بحسب تقرير الرقابة المالية الأخير).

وبحسب خطط المسئولين في وزارة الأشغال والإسكان، سترفع كمية إعادة استخدام المياه المعالجة الحالية، والبالغة أقل من مليون متر مكعب، إلى أكثر من مليون متر مكعب في الري الزراعي الإنتاجي والتجميلي بحلول العام . وتعتبر هذه الكمية كبيرة نسبيا مقارنة بكمية الاستهلاك البلدي في البحرين إذ ستقرب إلى ما نسبته في المئة منها، وتمثل هذه النسبة تقدما رائدا في الاستغلال الأمثل والكفء للموارد المائية والحفاظ على البيئة على مستوى منطقة الخليج العربي. ومن المتوقع أن يساهم ذلك، مع خطط المملكة الأخرى (زيادة طاقة محطات التحلية، رفع كفاءة الري، وبرامج الترشيد وكشف التسربات، وغيرها...) في تخفيض العجز المائي في مملكة البحرين، إذ من المتوقع أن ينخفض العجز الحالي والبالغ نحو مليون متر مكعب إلى أقل من مليون متر مكعب في حالة تطبيق جميع هذه الإجراءات.

ولذلك فإن الالتزام من قبل السكان والورش والمصانع بعدم إدخال هذه المواد الكيماوية والهيدروكربونية في شبكة مياه الصرف الصحي يعتبر احدى الحلقات المهمة المطلوب تأمينها في عملية معالجة وإعادة تدوير هذه المياه في المملكة. ويتطلب هذا رفع الوعي عموماً للسكان في المملكة في مجال معالجة المياه وإعادة الاستخدام، وذلك من خلال تطبيق بعض الأدوات التوعوية (مثل إدراج المعلومات في فواتير الكهرباء والماء للسكان وتعميم التعليمات اللازمة لأصحاب المصانع والكراجات وغيرها عن أهمية هذا الموضوع). وتدل الدراسات التي أجريت في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون على أن الوعي المائي بالنسبة للمياه المعالجة منخفض عموما، وبأن نسبة كبيرة من السكان تجهل أساسيات مياه الصرف الصحي وطرق معالجتها وإعادة استخدامها على رغم أن هذه المياه تخرج من منازلهم وسيتم استخدامها في ري محاصيل زراعية قد يتم استهلاكها من قبلهم. ولذلك فإن هناك حاجة ملحة لعمل حملات تثقيفية وتوعوية بالنسبة للمياه المعالجة في المملكة، ليس للمزارعين فقط وإنما كذلك لجميع السكان وعن دورهم في رفع كفاءة معالجتها وإعادة استخدامها.

ويتطلب ذلك أيضاً التخطيط الحضري البيئي المتكامل والفعال بفصل مناطق الخدمات عن المناطق السكنية بحيث يتم تقليل إدخال المخلفات السائلة لها في شبكة تجميع مياه الصرف البلدية. كما يجب لا يتم إغفال تطبيق الأدوات الاقتصادية كعامل مساعد في عملية رفع الوعي بهذا الموضوع وتطبيق مبدأ «الملوث يدفع» (ٌَّّفِ ْمٌٌُُِِّّ). ويذكر أنه في الكثير من الدول المتقدمة يتم وضع غرامات رادعة على هذا السلوك لحماية محطات معالجة مياه الصرف الصحي، بسبب تأثيرها الكبير على نجاح عملية معالجة وإعادة استخدام المياه العادمة وتحقيق أهدافها

إقرأ أيضا لـ "وليد خليل زباري"

العدد 1374 - السبت 10 يونيو 2006م الموافق 13 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً