في البداية تم تسريب الخبر، وفيما بعد أكده الناطق باسم حكومة إقليم كردستان محمد صالح، بأن مهاباد قره داغي قدمت استقالتها من وظيفتها كمستشارة لرئيس حكومة الإقليم نيجرفان البرزاني، واختارت أن تكون أوروبا محل تنفسها بدلا من كردستان.
تقديم سيدة كردية استقالتها من منصب مهم سببه احتجاج نساء كردستان على غيابهن من التشكيلة الوزارية الجديدة في الإقليم، وه و احتجاج يزداد يوما بعد يوم، ويبدو إنه مرشح نحو المزيد. ولم يكن هذا الاحتجاج وليد اليوم بل إن نساء كردستان يشكين منذ مدة، ويطالبن بأن يكون لهن حضور في المشهد السياسي الكردي، وفي أغلب الأوقات كانت نساء كردستان تشكين من القيادات الكردية التي تتفاوض وتتحاور في بغداد، بأنها لا تقف بالشكل المطلوب إلى جانب النساء.
وكانت منظمات نسوية طالبت بسبع حقائب وزارية في الحكومة الكردية الموحدة، وأكدت في وقت سابق لجوءها إلى الاعتصام أمام البرلمان في حال همشت مطالبهن. فعدا عن كونهن الأم والأخت والرفيقة والزميلة والبيشمركة وانها الشريحة المعطاءة، فإن هذه الشريحة ترى نفسها كانت بوابة القمع الكردي، فحينما أراد النظام السابق إهانة وإذلال الأكراد، كان ذلك من خلال قمع النساء والطعن بكرامتهن، فمثلا باع النظام السابق عشرات النساء الكرديات لأصحاب المطاعم والفنادق في إحدى العواصم العربية ليكن ضحايا. وعندما أرادت جماعات الإسلام السياسي المتطرف في كردستان فرض أنظمتهم المتشددة في كردستان، كانوا يقمعون النساء ويمنعونهن من الخروج إلى الأسواق والتنزه، وعندما تخرج امرأة اضطرارا إلى السوق، كانت تقمع وتودع في سجون الإرهاب، ولعل مهاباد قره داغي كانت إحدى الضحايا.
وفي الحقيقة هناك خوف من أمرين لدى نساء كردستان: إذا كان الموقف الكردي نابعا من أن المرأة مازال عليها المكوث في المنزل وتربية الأولاد وخدمة زوجها. والثاني ان الطبقة السياسية الكردية لم تتحرر بعد من عقليتها القديمة، متأثرة بالطغيان الذكوري على المشهد الاجتماعي. وثمة من يرى أن إقصاء المرأة مصيبة عظمى، لأنه بنظر الأكراد ان قيادتهم على الأقل قد تجاوزت هذه الثقافة، وتحررت من ثقافة القبائل القديمة.
لكن على الرغم ما حصل على المستوى النسائي في كردستان فإن النساء أصبحن منتصرات في مطالبهن هذه، فعدد لا بأس من المؤسسات والشخصيات الكردية الفاعلة وقف إلى جانبهن، وعلى المستوى البرلماني أكد رئيس برلمان كردستان عدنان المفتي ان حجم التمثيل النسوي الناقص في الحكومة الكردية يعود إلى موقف الأحزاب الكردية، وأشار الى دعم البرلمان لمطالب الاتحادات والمنظمات النسوية الكردية في منحهن حقائب وزارية أكثر. وعلى مستوى الحكومة وعد ناطق باسم رئيس الحكومة ان مكان مهاباد قره داغي محفوظ، فهي فور رجوعها الى كردستان ستستلم منصبا يليق بها. ومن جانب المؤسسات المدنية دعت منظمة حكومية وغير حكومية البرلمان الكردي إلى تأكيد حقوق مليون ونيف امرأة في كردستان، وفق مذكرة تتضمن عددا من المطالب.
ان الأكراد اليوم أمام استحقاق التغيير الذي يجب أن يشمل كل المستويات، فإعطاء الأهمية للنساء ضرورة اجتماعية، كون مستوى تحضر المجتمعات يحدد بناء على حصول المرأة حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. والسؤال: هل ان المسئولين الأكراد سيدركون عواقب تهميش النساء ويأخذون بكلام مسعود البارزاني ووضعه في خانة التنفيذ لأهميته، إذ قال: «يجب أن نكون في طليعة عملية بناء المؤسساتية مثلما كنا في الماضي في طليعة النضال»
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 1370 - الثلثاء 06 يونيو 2006م الموافق 09 جمادى الأولى 1427هـ