في عالم مليء بالتطورات التكنولوجية المتسارعة، ويشهد تبدلاً واضحاً في مفاهيم الاستثمار والتجارة، يجدر بنا أن نتوقف لنتساءل عن انعكاسات هذه التطورات على مفهوم المزايا النسبية التي تؤهل أي بلد ولو كان صغيراً للعب دور مهم في عصر تجارة البوابات الإلكترونية.

فعندما كان الحديث يتم عن تجارة السلع والبضائع، أخذت عناصر مثل رخص العمل أو توفر المواد الأولية او أهمية الموقع الجغرافي حيزاً كبيراً في توليفة المزايا النسبية التي يتمتع بها بدل ما. اما وقد اتجهت التجارة والاستثمار العالميان نحو الاعتماد بصورة أكبر على الوسائل المعرفية والتكنولوجية، فإن تلك التوليفة لابد أن تكون قد تغيرت الآن لتعطي حيزاً أكبر لعناصر مثل التسويق والترويج والإعلام وذلك لكون التجارة المعروضة متوافرة على نطاق واسع عالميا وفي الكثير من أنحاء المعمورة، والبلد الذي بأمكانه أن يروج بصورة أفضل لبضائعه، سيحتل مكانة لائقة في هذه المعمورة حتى ولو كان صغيرا.

إن البحرين قطعت أشواطا مهمة في التحول نحو مركز للخدمات المالية العالمية )بشقيها التقليدي والإسلامي(، وهي تسعى حاليا وعبر برامج مختلفة للتحول الى مركز للسياحة، والخدمات العلاجية والتعليمية والتدريبية، علاوة على الدخول في عصر التجارة الإلكترونية وبناء صناعات الاقتصاد الجديد. إن نجاح هذه البرامج لم يعد معتمدا، كما كان في السابق على العناصر التقليدية للمزايا النسبية، بل العناصر الجديدة المتميزة والمتفتحة التي توصل رسالة واضحة لكل العالم بما توفره البحرين من خدمات مالية وتجارية واستثمارية.

وعلى ضوء ذلك، نحن نرى أنه قد آن الأوان لبناء إعلام اقتصادي تسويقي وترويجي علمي ومنهجي قائم على المعرفة والأرقام والتوجهات الواضحة لخدمة توجهات التنمية في البحرين. ولعلنا اليوم نرى بشكل واضح أن صحفنا المحلية قد اولت هذه الجوانب أهمية كبيرة تمثلت في إصدار الملاحق الاقتصادية، واجتهد كل منها في التركيز على جوانب معينة. ومع ذلك يجب أن نعترف أن هذا الاهتمام لم يرتقِ بعد إلى المستوى المطلوب الا في حالات محدودة. ولعلنا لاحظنا أن السبب الرئيسي لا يكمن في إمكانات هذه الصحف بل قلة توفر الكوادر الصحافية المتخصصة أو القادرة على الكتابة في الشئون الاقتصادية. لذلك لابد من التعامل مع هذا الموضوع بشكل جدي وعلى مختلف المستويات. فالإعلام الاقتصادي اليوم هو مكون أساسي لنجاح برامج التنمية