كان أحد الرعاة يعيش في أحد الحقول، ولم يكن هذا الراعي يعبأ بصوت الذئب العاوي الذي يتردد على مسامعه على الدوام، ذلك العواء المنذر والمهدد باقتناص بعض الحملان الوديعة، فما كان من الخراف المسكينة إلا التقدم بعرائض إلى راعيها تلتمس فيها منه حمايتها من الذئاب، إلا أنه كان يهوان عليها الخطب في كل مرّة، مصوّراً الموضوع على أنه ذئب في فلاة قفراء، فلتضع صيحاته في الهواء، و«جهنم تحرقه»!
وبعد طول انتظار لعطف الراعي لم تجد الخراف حلاً لمشكلتها العويصة إلا التقدم إلى الأمم المتحدة بالشكوى، كما قدمت شكوى مماثلة إلى جمعية الرفق بالحيوان، وهي إلى الآن بانتظار الحل...
أحد كتابنا «الأفاضل» دأب على طرق المعجم، باب الصاد، فصل الفاء والواو، في كل مرة يكتب فيها مقالاً، وأصبح لفرط جنون قلمه يقذف سهامه في كل اتجاه، فتارة يصيب بها أعداءه المزعومين فتصيب منهم مقتلاً، وأخرى يصيب بها أولياءه المفترضين فيسيل من جروحهم دم، وبين ذين وذين يكاد يهلك نفسه غماً، حاملاً مشعل الحرية بيمينه، وسيفاً طالبانياً بيساره، مهدّداً ومتوعداً الجميع بنار حامية، عازماً منح الراية المقدسة إلى الزرقاوي باعتباره «مخلّصاً يسوعياً» للأمة من الويلات المحدقة بها من كل جانب.
على قراء الصحف في كل يوم النظر العابر إلى ذلك النتاج المتخلف في كل صباح، ولذلك يحبّذ الكثيرون تقليب الصفحات كلها عدا الصفحة التي يزرق الرجل فيها إبره، لا بغضاً للآخرين الذين يكتبون فيها، ولكن خوفاً على أنفسهم من أن تصيبهم الأمراض الخطيرة والمعدية، لذلك لجأوا إلى ممارسة الحجر الصحي على ما يكتب، مضحين بالآخرين معه!
الغريب في الأمر هو أن صاحبنا لم يتوافر على أي ذوق أو حسّ، إذ يبدو أن مداركه وأجهزته العصبية معطلة، لتراكم الرين والصدأ عليها، وتجلّى ذلك حينما جعل يرمي بقذاراته شخصية هي أبعد ما تكون عن الطائفية المذهبية، شخصية يحبها القريب والبعيد وإن اختلفوا معها ايديولوجياً. هاجم هذا «الرفيق» أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله، واصفاً إياه بأنه يتحرك ضمن المشروع الوهمي الذي خلقه خياله هو، مستفيداً من عبارات لكتاب آخرين، داعياً السيد إلى الابتعاد عن منطقة هو أخبر فيها! وصدق الإخوة المصريون في مقولتهم «اللي اختشوا ماتوا»
العدد 1367 - السبت 03 يونيو 2006م الموافق 06 جمادى الأولى 1427هـ