نجحت شبكة الإنترنت في ربط العالم بشكل غير مسبوق له ليصبح العامل الأكثر إثارة وتأثيراً في الازدهار المعلوماتي، لدرجة أننا بدأنا نشعر بأن هذا العالم أصبح يتقلص تحت أقدامنا، فقد تجاوزت تقنية الإنترنت عامل الزمن وواقع المكان أوالموقع في كل جانب من جوانب حياتنا البشرية، ولم تشهد الحضارة الإنسانية في تاريخها أبداً مثل هذا الترابط والانفتاح في مجال المعلومات، ما ترك أثره على حياتنا بمختلف جوانبها واتجاهاتها وأدى إلى تغيير أساليب حياتنا بشكل لم نكن نحسب له حساباً من قبل، ويعد حقل التعليم أحد الحقول الأكثر تأثراً بتحولات الإنترنت على الإطلاق.
ومن أوجه تأثر الحقل التعليمي بالإنترنت والكمبيوتر هو ظهور التعليم الإلكتروني المعتمد على استخدام آليات الاتصال الحديثة كالحاسب والشبكات والوسائط المتعددة وبوابات الإنترنت من أجل إيصال المعلومات للمتعلمين بأسرع وقت وأقل كلفة وبصورة تمكن من إدارة العملية التعليمية وضبطها وقياس وتقييم أداء المتعلمين.
فواقعنا المعاش يتطلب أشخاصاً ذوي قدرات ومهارات يكونون من خلالها قادرين على التواصل مع الآخرين وعلى التفاعل مع متغيرات العصر من خلال وسائل تقنية حديثة، كما يتطلب قدراً عالياً من القدرة على تحليل ووزن المعلومات بدقة، ما يجعل التعليم الإلكتروني حاجة ملحة لبناء شخصيات قوية تستطيع مواجهة عصر تكنولوجيا المعلومات.
بيد أن عملية تحول التعليم إلى العالم الرقمي قد تسير في خطوات بطيئة، إذا نظرنا لها من خلفية اجتماعية كلاسيكية تتمثل في تعلقنا بالأساليب التقليدية في التعليم والخوف من التجديد المستمر، أوتقاعسنا عن تدريب أنفسنا في مجال التعاطي مع التقنية أو النظر إلى عملية التحول الإلكتروني بعيون اقتصادية ضيقة.
ولا أعني بالتحول إلى العالم التقني إلغاء دور المعلم بل يصبح دوره أكثر أهمية وأكثر صعوبة فهو شخص مبدع ذو كفاءة عالية يدير العملية التعليمية باقتدار ويعمل على تحقيق طموحات التقدم والتقنية، بل يكون دور المعلم في عملية التعليم الإلكتروني كالقطب من الرحى إذ يزاوج بين أساليب التعلّم التقليدية والأساليب الإلكترونية
إن التقدم التقني سيساهم في تيسير تبادل وتطوير العلوم والمعارف ما سيدفع التعليم الإلكتروني إلى الأمام في الأعوام القادمة. أما النقلة الحقيقية في هذا النظام الجديد فستحدث نتيجة التغيرات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بمستخدمي التقنية وسرعة تطورهم واستيعابهم للعلوم والمعلومات. وهذا العامل الاجتماعي سيتسبب في نقلة سريعة ومفاجئة ليس فقط في قبول واستخدام أنظمة التعليم الإلكتروني ولكن الأهم هو في طريقة عمل هذه الأنظمة وأسلوب تبادل المعارف من خلالها
العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ