أتفهم أن تقلم الحكومات أظفار السلطة الرقابية بأنواع شتى من المواسي والسكاكين، واستوعب أن تستأصل الأنظمة أسنان البرلمانات في غرف العمليات المظلمة لتخرج منها درداء من غير أسنان، إلا أنني لا أتفهم كيف يمكن لبرلمان أن يقلم أظفاره بفمه، ويستأصل أسنانه بيده، وهو ما حدث لبرلماننا «الواعد» في جلسته الأخيرة.
في يوم أسود سواد الليل الأليل وهو يوم الثلثاء الماضي رفض مجلس النواب إقرار علنية استجواب الوزراء بدلاً من سريته كما تنص اللائحة الداخلية الحالية للمجلس، رافضاً مساءلة الوزراء أمام الملأ، حفاظاً على مياه وجوههم المحفوظة والمصانة بفضل جهود النواب.
هل في كل العالم بديمقراطياته المتنوعة برلمان واحد فقط شغله الشاغل تقليص صلاحياته، والجهاد من أجل جعل وسائله الرقابية وسائل لا تقوى على إحراج موظف صغير فضلاً عن مساءلة وزير؟ حتى في الديمقراطيات المتخلفة والبرلمانات البائسة لا يوجد برلمان يعتبر تقليص الصلاحيات لعمله إنجازاً إلا البرلمان الذي شاءت الأقدار أن يكون أول برلمان لنا بعد أكثر من ثلاثة عقود مرة، وأمر منها أن يمثلك نائب أدرد، لا يرفض شيئاً على الإطلاق إلا شيئاً واحداً هو أن تجري له عملية استزراع أسنان حتى لو كانت بهشاشة الكعك الذي يتناوله النواب في منتصف كل جلسة بائسة أكثر من بؤس حقبة ما قبل البرلمان
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ