تقول شركات البرمجيات إنها سجلت ارتفاعاً كبيراً في حجم الخسائر التي تكبدتها في الاسواق العربية نتيجة اعمال القرصنة القائمة على استنساخ البرامج الاصلية في العام الماضي إذ بلغت 256 مليون دولار وفقاً لدراسة حديثة وزعها اتحاد منتجي برامج الكمبيوتر في دبي. وقد اوضحت الدراسة ان معدلات القرصنة على البرامج في دول مجلس التعاون الخليجي الاخرى بقيت مرتفعة وتراوحت ما بين 65 الى 80 في المئة وبغض النظر عن مدى صحة هذه الادعاءات، فإن حماية الملكية الفكرية باتت موضوعاً حيوياً مطلوب التعامل معه بكل جدية وكل تفرعاتها ولاسيما حماية حقوق المؤلف والعلامات التجارية والدلالات الجغرافية والنماذج الصناعية وبراءات الاختراع والنماذج التخطيطية (الرسومات والطبوغرافية) للدوائر المتكاملة وحماية العلامات غير المعلن عنها واخيراً مكافحة الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية.
نقول ذلك وخصوصاً ان البحرين وكذا بقية دول التعاون تسعى في الوقت الراهن الى تشجيع الاستثمارات الاجنبية لاقامة مشروعات مشتركة في مختلف الميادين الاقتصادية الحيوية. ان تلك الاستثمارات التي تنطوي بصورة اساسية على نقل تكنولوجيا متطورة معها ستجد في قوانين حماية الملكية احد اهم الحوافز التي يمكن ان تتوافر لها.
ان حماية الملكية الفكرية تعتبر من الموضوعات غير المألوفة بين العامة ولا يزال هناك الكثير من الواجب عمله لتعريف المؤسسات التجارية والحكومات والمواطنين العاديين بمزايا تلك الحماية، وغالباً ما يتم طرح مفهوم مبسط بصورة مخلة يقوم على ان التأثير الوحيد لتطبيق الحماية هو رفع الاسعار، وتعتبر هذه الصورة بعيدة عن الوضوح او الدقة. اذا القينا نظرة على ما حدث في الولايات المتحدة التي تعتبر بلداً متقدماً فيما يتعلق بالانتاج الابداعي فخلال سنوات قليلة بعد تأسيسها، اوجد بنجامين فرانكلين مكتب البراءات الاميركي، فكانت حماية الملكية الفكرية عاملاً مكملا واساسياً لنمو وتقدم ذلك البلد وهنا نتذكر القول المأثور للرئيس روزفلت «لقد اضاف نظام الحماية الوقود الى نار الابداع».
ان قوانين دول مجلس التعاون في مجال حقوق المؤلف وحماية حقوق الملكية تعاني من بعض الثغرات في الوقت الحاضر عند مقارنتها بالمعايير المنصوص عليها في اتفاق التريبس، فبعض هذه القوانين ينبغي النص صراحة فيه على حماية برامج الكمبيوتر كأعمال ادبية. كما ان التسجيلات الصوتية غير مذكورة في بعض هذه القوانين بشكل محدد، لذلك ينبغي حماية قواعد البيانات واطالة امد الحماية لفترة 50 عاما وزيادة العقوبات الخاصة بالتعدي، ويجب الا تشمل متطلبات التسجيل والايداع للاعمال الاجنبية، ويجب ان يتم حصر حالات الاستثناء من الحماية من خلال تحديد وتوضيح البنود القائمة، بحيث تصبح واضحة ولا يساء استخدامها.
ان تطوير قوانين حماية الملكية من قبل دول مجلس التعاون يجيء متمشياً مع انضمامها لاتفاق الجات والبدء في تطبيق بنودها بعد انبثاق منظمة التجارة الدولية والتي ستأخذ على عاتقها تنظيم شئون التجارة العالمية بما في ذلك حماية المصنفات الفكرية والملكية الصناعية
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ