المظلوم عادة يتحول إلى ظالم إذا لم يراجع تصرفاته نحو الغير. فما الفرق بين الأسود والأبيض؟ بين اليهودي والمسلم؟ أليس كلهم يلعبون كلا الدورين خلال مجرى التاريخ وعلى الأمد الطويل؟ أليس لكل زمن عبد وحاكم؟ أليس في نهاية المطاف كلنا سواسية ولا نختلف عن بعض؟
هذه الأمور قد تثير الغضب وتسبب الاضطراب والقلق لمعظم الناس. فهي حساسة والتحدث فيها بطريقة أكاديمية وعلمية وطريقة اتهامية هو مجرد شعرة. لكن لا بد من أن نتجرأ بالتحدث عن هذه الأشياء بصراحة تامة ومن دون الخوف من توتر الأمور. وهذا ينطبق على مناخ العمل، كما هو ينطبق على الحياة العامة.
نعترف بأن البحرين بلد صغير ولا يحتوي على ما يمكن تسميته بالعنصرية. تلك السذاجة في التفكير التي تخالف ديننا الحنيف وتأتي من منطق أعوج يركز على التفاصيل العرقية بدلاً مما يمكن أن يقدمه الشخص للبلد. لكن في الكثير من الأوقات نجد بأن بعض الناس يتحدثون بمقت عن الأجانب الذين يعملون بالبلد. في هذه الحالة يمكننا أن نقوم بعدة أشياء. أولاً هو عدم المبالاة والابتعاد عن الكلام التافه ومواصلة أعمالنا، فالعمل أمانة في نهاية الأمر. ثانياً، إذا كنا من منطلق زميلنا في العمل الذي يتضايق ويلوم الأجانب دائماً، فنقوم بمسايرته في الحديث عن »أولئك الأجانب«. ثالثاً، نحاول أن نفهم سبب الكراهية في كلام زميلنا. بين الخيارات الثلاثة، قد نفاجأ عندما نعلم بأن عادة ما يختار الناس الثاني منها. أما الثالث، فنادر ما نجد شخصاً يحاول أن يفهم وضع المتكدر والذي يلوم الأجانب دائماً.
من هم الأجانب؟ هم من يضعو طوباً على طوب ليشيدوا المباني، من يقومون بتنظيف الشوارع، من يوفرون الخدمات المصرفية، من يديرون الشركات التي تتعامل مع شتى أنحاء العالم. فالأجنبي في بلد مثل البحرين حاضر في كل الأعمال و على سلم الطبقات الاجتماعية. تماماً مثل البحريني. والأكثر من ذلك هو أنه عادة ملتزم في الحفاظ و الإتقان في عمله آخذاً في الحسبان بأنه في أي وقت يمكن أن يستبدل ببحريني.
لكن المشكلة تقع عندما نرى توظيف الأجانب العشوائي في مراكز يمكن بالسهولة إيجاد بحريني ليتولاها. وهنا تكمن محنة الموظف البحريني الذي يرى التقصير في حقه عندما يوظف أجنبي في مستواه ولكن مع توفير الرفاهية من منزل وكلف تدريس أبنائه وغيرها من التسهيلات والمزايا المادية.
اتفق أن في أغلب الحالات يوفر الأجنبي خبراته وحتى معارفه بالمجال الذي يختص به، لكن لدينا حالات واضحة جداً إذ إن الأجنبي لا يختلف عن ابن البلد في المهارة والخبرة وحتى مستوى التعليم. لكن هو ابن عم فلان بن علان ويجب أن يوظف في البحرين مهما تطلب الأمر، أي بطريق الواسطة.
أريد الإجابة على سؤال واحد: هل يمكن للبحريني، وأولئك العاطلين منهم، أن يجدوا مناصب في دول أجنبية بسهولة، كما هو حال الأجنبي في البحرين؟
أنا شخصياً احترم وأقدر الأجانب الذين يعملون بالبحرين ويقدمون خبراتهم ومهاراتهم في تطوير الشركات، وخصوصا أولئك الذين يتحلون بالنزاهة والإخلاص ويحتضنون البحريني ويعلمون بأن المستقبل يكمن في تطوير أبناء البلد. لقد حظيت بمسئول وزملاء أجانب تمتعوا بهذا المبدأ. لكن هناك غيري من وجد نفسه في مستوى وظيفي أقل مقارنة بأجنبي بنفس مؤهلاته
العدد 1361 - الأحد 28 مايو 2006م الموافق 29 ربيع الثاني 1427هـ