تتنافس اليوم دول الخليج فيما بينها بتشييد ناطحات سحاب شاهقة ممتدة على طول شوارع عواصمها من شتى الأشكال والأنواع، غير أن بعض هذه الدول - مثل الإمارات وخصوصاً في مدينتي أبوظبي ودبي -تشيد مبانيها العملاقة بأسلوب أنيق ومنظم عكس ما نراه مثلاً في شوارع المنامة وضواحيها، إذ نجد بنايات صغيرة ومتوسطة وعالية وناطحة سحاب لكن بصورة بعيدة عن أية لمسة جمالية تعكس ذوقاً عمرانياً وهندسياً متناسقاً يمتع نظر المتلقي... فلعبة الثعبان والسلالم هي مخططات العاصمة العمرانية للأسف كما ذكرت ذلك في مقالات سابقة.

بل إن الناطحات التي تشيّد اليوم على امتداد شارع كورنيش الملك فيصل أصبحت شاذة الشكل على رغم روعة التصميم الهندسي لكن البحرين بطبيعة حجمها الصغير بدت فيها هذه المباني على شكل ديناصورات مخيفة قائمة - إن صح الكلام - كونها تبدو غير مناسبة في موقعها مقارنة بباقي المباني التي أصبحت أقزاماً صغيرة تحيطها بعداً أو قرباً.

لسنا هنا بصدد انتقاد التطور العمراني بقدر ما نسعى إلى اختيار ما يناسب طبيعة هذه الجزيرة التي بدت ديناصوراتها تشهد سرابها من أي مكان تقف أو تقود سيارتك إليه أي من الرفاع إلى جدحفص إلى المحرق التي نأمل أن يكون هناك تناسق حتى تتجمل البحرين لا أن تصبح قبيحة فنضع لها مكياجاً ثقيلاً يهلكها ومن ثم يهلكنا نحن سكانها.

هناك مشروعات تنموية تشيّد حالياً في جنوب البحرين وحبذا لو امتدت إلى مختلف المناطق الصحراوية الصخرية وإلى الجزر الأخرى غير المأهولة بالسكان على أن تكون مفتوحة لجميع البحرينيين سواء بالسكن فيها أو زيارتها حتى لا تتحول إلى مستوطنات لفئة دون أخرى.

حتى مشروع المدينة الشمالية التي يكتمل دفانها هذه الأيام نتمنى أن تكون أنموذجاً راقياً نفتخر به عمرانياً وبيئياً...

المهم في كل هذه المشروعات هي أن تستهدف خدمة المجتمع من خلال توفير المسكن الملائم والبيئة الملائمة لمزاولة الأعمال وذلك ضمن الخطة التنموية التي كثر الحديث عنها ونتشوق لرؤية بعض ثمارها