العدد 1359 - الجمعة 26 مايو 2006م الموافق 27 ربيع الثاني 1427هـ

كرزكان بدلاً من كوكبان... «كنز كان»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أعجبتني الفكرة التي اقترحها «معهد البحرين للتنمية السياسية» بأن تعقد «خلوة» الجمعيات السياسية في «كرزكان» البحرينية بدلاً من «كوكبان» اليمنية التي تم اقتراحها الاسبوع الماضي. غير أن هناك فروقات كثيرة ومفارقات عجيبة ستحول دون تحقيق فكرة معهد التنمية.

المفارقة الأولى هي أن هذه القرية البحرينية من المفترض أن لها ساحلاً ومزارع كان الأهالي يأنسون بها قبل عشرين سنة. أما اليوم فلا وجود لأي ساحل سوى ممر ضيق يفضي إلى البحر وهذا الممر سيتم غلقه بعد أن يقرر من أخذ الأرض بناء سور لعزل القرية بالكامل.

على أنني راودني شك في أن المعهد (أو أحد القائمين عليه) ربما نزل عليه «كرم حاتمي مفاجئ» وقرر أن يفسح المجال في أرض واقعة تحت تصرفه لكي تنعقد الخلوة... إلا أن التاريخ الذي بدأ منذ إعلان قانون أمن الدولة في منتصف السبعينات من القرن الماضي لا يشهد بوجود ذرة من هذا الكرم الحاتمي... فمن وضع يده على أرض أو ثروة، ردد «هل من مزيد؟» ، بل وشيّد الأسوار ... وهكذا أصبحت سواحل البحرين (يبلغ طولها 625 كيلومتراً) ملكاً خاصاً، ولم يبقى منها سوى 26 كيلومتر كمنافذ صغيره هنا وهناك، بحسب تصريح رئيس مجلس بلدي الشمالي.

حاولت أن أفهم مقترح معهد التنمية على أساس أنه يحاول «تطوير» من هم «متخلفون» عن المستوى الذي يراه مناسباً لأهل البحرين. فأهل كرزكان يعيش كثير منهم في منازل آيلة إلى السقوط وفي الوقت ذاته تحيط بهم القصور التي بنيت حولهم وحجزتهم عن طبيعتهم ومياههم ومزارعهم...

ذهبت أفكاري أيضاً إلى منزل الشهيد الكرزكاني فاضل عباس الذي سقط في انتفاضة التسعينات، وقلت لنفسي: ربما أراد معهد التنمية السياسية ان يذكّر قادة الجمعيات السياسية بالشهداء والذين ضحوا في التسعينات من أجل أن تنعم البحرين بجانب من الحرية السياسية التي نعاصرها حاليا. غير أن هذه الفكرة لم تجد ما يسندها من شواهد، خصوصاً أن النمط العام للمعهد هو «التشكيك» في أهل البحرين الذين يعيشون في منطقة مثل كرزكان.

إذاً لماذا كرزكان؟ السؤال عاد مرة أخرى إلى ذهني...

وجدتها: أن أهل كرزكان المحرومين من ساحلهم لديهم مكان للخلوة لم يتم حالياً وضع اليد عليه، وهو «المغيسل»، وهذا لا يتم تشغيله إلا لتغسيل الموتى وتكفينهم قبل دفنهم... وعليه فإن بالإمكان أن يتم فرش «المغتسل» لقادة الجمعيات السياسية للاجتماع هناك، ليتذكروا الموت وكيفية لقاء الرفيق الأعلى، وبذلك يترفعون عن تفاهات السياسة التي رمتنا في حال لا نعرف أولها من آخرها.

كرزكان... اسمها مشتق من «الكنز» وقيل إن أحد الأشخاص في صدر الإسلام عثر على «كنز» في حفرة هناك، وانتشر النبأ بين الناس الذين تداولوا الحكاية بشأن «كنز كان»... وبعد ذلك سكنها الناس وحرف الاسم إلى «كرزكان»...

ربما، وبعد 1400 سنة من اكتشاف «الكنز» يحاول معهد التنمية السياسية تذكيرنا بأن «الكنز» انتفى إلى غير عودة، وبذا تنتفي الحاجة إلى البحث عن «كنز» الديمقراطية في «خلوة» تجمع بعض «الحالمين» الذين يترأسون جمعيات تطلق عليها صفة «السياسة»، تماماً كما تطلق على المعهد صفة «السياسة» من دون وجود للسياسة... و«كنز كان»

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1359 - الجمعة 26 مايو 2006م الموافق 27 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً