أحد القراء أرسل لي تعليقاً عن آخر موضوع كتبته بشأن تصرفات الآباء تجاه أبنائهم في استخدام الانترنت أثناء فترة الامتحانات، قال فيه إن الإنترنت لا تُمنع فقط على الطلاب وإنما تتعمد بعض الشركات والمؤسسات منع استخدام الإنترنت أثناء الدوام بحجة كونها وسيلة تُلهي الموظف عن أداء عمله بصورة مثالية!
شهد استخدام التكنولوجيا في القطاع المهني تقدماً سريعاً خلال السنوات الأخيرة فقد سحرت الشبكة العنكبوتية العالم بفوائدها الجمة لتصبح ضرورة من ضروريات الحياة جعلت من المؤسسات والشركات وحتى الأفراد تؤمن بأهمية إدخال الإنترنت في قطاع العمل، ولذلك اعتمدت معظم الشركات سواءً كانت خاصة أو حكومية سياسية الإنترنت في توفير المعلومات للموظفين والعملاء تمثلت في معلومات تعريفية أو معلومات خاصة للموظفين أو خدمات إلكترونية.
إن التوجه لتقديم الإنترنت كأداة لمساعدة الموظف في القيام بواجبات عمله جعل الموظف أكثر بقاءً في مكتبه وأكثر تعلقاً بأمور عمله ما عكس صورة مثالية تمثلت في ازدياد كفاءة عمل المؤسسات وتوفير الجهد وتقليص حجم المصروفات والقضاء على الكثير من الأعمال الورقية، وأيضاً تقديم خدمات مميزة بكل يسر وسهولة للعملاء.
إلا أن هناك بعض الشركات تقدم الإنترنت لموظفيها بأسلوب محاط بقيود حديد وشروط معقدة، بحيث تحصر استخدام الإنترنت في أمور العمل فقط، وما عدا ذلك فإنه مخالف لقوانينها، بل تبذل الكثير من الأموال في سبيل شراء برامج تحد من عملية الإبحار في الشبكة العنكبوتية وتعمل على تحديد المواقع التي يزورها الموظف، وبذلك ترى أنها استطاعت أن تتحكم وتسيطر على استخدامية الإنترنت، معتقدة بأن ذلك يعود بثمرات عديدة على الواقع العملي، في حين أن ذلك يجعل من الموظف يستاء من التقنية ويعزف عنها فيهجر مكتبه لساعات، أو يلهي نفسه بأمور أخرى تبعده عن أجواء العمل وبذلك تخسر عمل الموظف.
ولكن لو تقربنا أكثر من ظاهرة حصر استخدامية الإنترنت في مواقع محددة، لوجدناها أنها ظاهرة تعتمد على عدم الثقة بالموظف، وبذلك يشعر بعدم الانتماء للمؤسسة، ما يقلل أداءه، ولو أخذناها من باب الحصر لأجل الابتعاد عن الترفيه، لوقعنا في مأزق آخر فالترفيه وتقديم وسائل مسلية للموظف يزيدان من قيمة العمل، فعلى سبيل المثال شركة غوغل أو شركة مايكروسوفت تقدمان وسائل ترفيهة على نطاق واسع من أجل تنمية الإبداع لدى موظفيهما.
يجب على الشركات والمؤسسات أن تخلق حرية في استخدام الإنترنت بصورة خاصة وإعطاء الثقة لدى الموظف لتزرع قيم الانتماء فيه ولا بأس أن تمده بين فترة وأخرى بجرعات توعية تنمي فيه الجانب السلوكي في استخدام الإنترنت، فمن الواضح أن خدمة الإنترنت واقع لا مفر منه، وهذه الخدمة تفتح أمامنا أيديها بعطاء وخير ومنافع لا تحصى، ولكنها خدمة تجر معها مسئوليات، وكل فرد منا يجب أن يكون على قدر المسئولية
العدد 1358 - الخميس 25 مايو 2006م الموافق 26 ربيع الثاني 1427هـ