لقد استعنت بأغنية لخالد عجاج في شكواه عن حال الدنيا وكيفية تغيّر البشر والعلاقات الإنسانية التي أصبحت ذات طابع تُغطيه المصالح الشخصية المادية البحتة.
تقول كلمات الأغنية:
فيه ناس بتحب تاخذ كل حاجه
مع انها مُش محتاحه!
وناس بترضى بأية حاجه
بعز ما هيّه محتاجه!
وناس بتدّي وتنسى
وناس تاخذ وتنسى!
وناس تدي وتندم
ويا ريتها بتدّي حاجه!
يا اللي بتقولوا الزمان ده خذ وهات
انتوا خليتوا الزمان ده كله هاتْ
واللي عايز حاجه منك بتلاقيه إنسان ملاك
ولما ياخذ دم قلبك بتلاقيه بركان هلاك
هذه كلمات شديدة الحساسية مرهفة، إضافة إلى صوته المبحوح وبطريقة محببة جعلته، إضافة إلى أدائه الرقيق متكاملاً ممتعاً، وهي تمس واقعاً يومياً نتلمسه في إنسان هذا الزمان والذي بات أكثر جشعاً وطمعاً بحيث لا يكترث الأغنياء أصحاب الملايين ومن هم في السلطة بإعطاء الفقراء بعض من الفرص والمساهمة في تحسين عيشهم من الضنك إلى العيش الكريم! وباتوا يطمعون في أخذ ما تصل إليه أيديهم ومن دون أي عطف أو رحمة لحال ذلك الفقير المسكين! وأصبح النجاح لديهم صفة واحدة هو «هل من مزيد»، وبات الفرد منهم يعتقد أنه كلما أراد نجاحاً أكبر عليه أن يزيد في الكسب ولا يهم الثمن وعلى حساب أي من البشر!
وقد تكون الثروة أحد مصادر القوة والثقة بالنفس، ولكن بعد تراكمها، هل هي حقيقة تفسر نجاح ذلك الإنسان أو هي تضيف إليه السعادة التي يصبو إليها بنو البشر، أم قد تصبح عبئاً ثقيلاً يصعب التحكم فيه؟ وقد يفتقد ذلك الإنسان التمتع بثروته في الفترة الزمنية القصيرة التي نعيشها! ولا يتمكن من صرفها حتى «ولو عاش عشر مرات أخرى»، فهو لن يتمكن من إسعاد نفسه ولا من حوله! بل هو قد يزيد من طمع من حوله وحقدهم عليه إذا لم يعرف كيف يغدق عليهم!
وقد تضيع أولوياته، فهو يتبع النظرية الرأسمالية الأميركية والغربية ومساندتهما للعولمة التي تغرس أنياب القوى في جسد الفقير الضعيف وتنهك قواه وتمتص رحيقه ثم ترميه للكلاب تنهشه بعد أن تنتهي صلاحيته! هذا ما تعمله الدول الغنية في الدول الفقيرة واضحاً!
إنه إلى الآن لا توجد المنظمات الإنسانية القادرة على حماية حقوق الفقراء والضعفاء! لأجل بقاء أفضل، لعدم القدرة على تغيير الفلسفة الحديثة (البقاء للأقوى)، طالما أن القوي يمتلك كل أسلحة الدمار الشامل وباستخدام كل وسائل البطش الحديثة!
إن فقراء العالم في ازدياد بين الدول والأفراد وبذلك يزداد انتشار الألم والأسس والبؤس، ويصبح عالماً تعيساً معدماً!
وفي نهاية الأغنية، حينما يكون الإنسان في حاجة إلى آخر يكون معه كالملاك ويغدق عليه من الحنان والمحبة (المزيفة) أشكالاً حتى إذا ما انتهت الحاجة إلى ذلك الإنسان، كأن يفقد منصبه أو مكانه، فيتحول من حوله إلى بشر من دون عواطف ويعاني بعدها الوحدة والهلاك وغدر الزمان، وكيف أن الإخلاص بات سمة نادرة!
وبذلك ينقلب هذا العالم إلى عالم مقهور لكثرة الفقر والمعاناة، وكأن لعنة القدر تنقلب ضد الأغنياء والقادرين فيصابوا بالاضطرابات النفسية والعصبية وأمراض العصر الجسدية والاكتئاب، لأنهم لم يرحموا الإنسان البسيط الفقير، ويبقى الفقير مُعدماً محاولاً السيطرة على قناعاته بمحاولته لرضى الرحمن وبتعويد نفسه على أن يكون وحيداً على رغم فقره وتبقى الحياة ناقصة، ويبقى الإنسان وحيداً
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ