تلك هي المرأة البحرينية ضحية لكل أزمة، تأكلها الهموم والآلام. من لها؟ من يكفكف دمعها؟ من يوفر لها الخبز بعد غياب الزوج؟ كلما اقتربت من النسيج الاجتماعي اكتشف الكثير من الآلام والأوجاع ان لغم المخدرات آخذ في التصاعد، شبح يقترب من البيوت، وكم اوجعني جلوسي مع شابة بحرينية تتعاطى هذا المخدر. ما هي الاسباب؟ وهل يصدّق ان يقترب حتى من بناتنا وفلذات أكبادنا؟ شابة في مقتبل العمر، كيف سقطت رهينة هذا الشبح المخيف؟ ذلك لقاء سأذكره بالتفصيل بكل آلامه، عله يوقظ ضمير المجتمع، فنقف جميعا وقفة وطنية اسلامية صادقة، للحفاظ على منظومتنا القيمية، لنأخذ بيد هؤلاء إلى حيث الهداية والإصلاح، ولنحمي ابناءنا من وحش آخذ في الكبر، ومازال يخيف المدينة واهلها. والمآسي تتمثل في صور:
عائلة بحرينية من منطقة (...) يتعاطى فيها ثلاثة إخوان هذه السموم القاتلة، توفي اثنان منهم بسبب التعاطي، احدهما مات بسبب فتك مرض الايدز، وبقي واحد منهم تم اعتقاله وحكم عليه عشر سنوات بالسجن. والالم الأكبر ان ابنه أيضاً وقع في المرض القاتل ذاته، بيد أنه الآن في طريقه للتعافى وعمره 23 عاماً. ما الذي يجري وماذا يحدث؟ لست هنا في مقام سرد قصص، أو البحث عن إثارة، أو أكتب كلاما إنشائيا، هذه الأسماء موثقة لدي، وكلما تصفحت الأسماء، المناطق شعرت بالحزن والتقصير. شغلتنا السياسة ولفترة عن آلام المجتمع، وعن الأمراض التي تفتك به.
سجن الأب عشر سنوات، وراحت الأم تعمل ليل نهار، لانقاذ العائلة، وتدارك ما بقي من الاولاد، إذ إن بعضهم يدرس في الجامعة، على أمل خلق أمل أخير لهذه العائلة المنكوبة. اسرة بحرينية ثانية من منطقة (...) حكم على الأب بالسجن أيضاً عشر سنوات بسبب المخدرات، وهي الأخرى يتعاطى ابنها المخدرات، وبدا يتعافى بسبب علاجه الذي استمر 6 أشهر في مستشفى الأمل في السعودية. الغريب في الأمر ان هناك ممن يتعاطون المخدرات واعمارهم بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة.
عائلة ثالثة من منطقة (...) تتكون من ثلاثة ابناء الأول توفي بسبب المخدرات، والثاني مازال يتعاطى، وكذلك الثالث منهم. ذات يوم تعاطى احدهم مادة قوية تسمى (الشبو) وهي مادة تجلب من دولة آسيوية. هذه المادة تفتك بالشاب بمستوى تجعله كالمجنون وذا طاقة غير طبيعية وقد يرتكب أي شيء خطير. وهناك شاب بحريني تعاطى جرعة زائدة في احدى الدول الآسيوية فأفقدته حياته جيء به إلى البحرين. هناك اخبار تقول: إن الشاب تم اقتطاع عدة اجزاء من داخل جسده كالكلية وغيرها. لا اريد أن اهول الأمر، وليس من عادتي اطلاق الكلام على عواهنه، واعلم ان البحرين مليئة بالخير والشباب المعطاء، وان هناك اضاءات كبيرة في قطاعات الشباب، لكن ذلك لا يمنع من غرس الإصبع في الجرح، للحديث عن اشكال مجتمعي يحتاج إلى يقظة وحل. اهمس في اذن الحكومة قائلاً: إن مركز المؤيد بات لا يقدر على استيعاب الحالات المأسوية. لو ذهبت الصحافة يوم الاثنين إلى مركز المؤيد سترى أمورا غريبة، شباب منثورون هنا وهناك. هذه ظاهرة غريبة ومؤلمة، وبعض المرضى يقف، كي يحصل على فرصة (ذهبية للدخول إلى المركز)، ربما يزيل بعض السموم الذي تملأ جسده، لكن شحة الاسرة تعيد ذات الاشكال الذي تعانى منه مستشفياتنا، أزمة الأسرة بين السلمانية ومركز المؤيد اتمنى من الحكومة بناء مركز كبير لتأهيل هؤلاء الشباب البحريني، وكذلك نحن بحاجة إلى جمعية اصدقاء المدمنين، لتساهم في دور وطني للتأهيل وحماية هؤلاء الابناء. هذه أزمات اجتماعية يجب التطرق إليها بحرفية ولغة أرقام حتى نعرف مستوى الجرح لنحدد مقدار الصرخة. في الكويت يوجد مركز للتأهيل، وفي السعودية يوجد 4 مستشفيات للتأهيل (مستشفيات الأمل) وفي الامارات وغيرها من الدول الخليجية. نتمنى من الدولة رصد موازنة هذا العام لبناء مركز نموذجي لنحمي شباب البحرين وللحفاظ على مملكتنا الغالية ولصانعة مستقبل أكثر أمنا فالحكومة لن تقصر في ذلك وكل المجتمع الأهلي والمدني على استعداد للمشاركة الفاعلة بالدعم المالي والمعنوي والتثقيفي في ذلك فنتمنى من الحكومة الموقرة الموافقة لرفع اسم البحرين عاليا ولنجنب البلاد خطر هذا الشبح الذي يتهدد بعض قرانا ومدننا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1356 - الثلثاء 23 مايو 2006م الموافق 24 ربيع الثاني 1427هـ