دعانا - الصحافيين - الشيخ عيسى قاسم ذات يوم «أن نتأدب»!، أتذكر يومها أني كتبت مقالاً مطولاً شرحت فيه بعض المضامين الإعلامية وعلاقتها بالتأدب، وطبعاً كان للأميركي «هيرمان» حضوره حينما تحدثت عن الصحافة، وارتباطها بفعل «التأدب».
«هيرمان» هذا، هو أستاذ زائر بمدرسة «وورتون» بجامعة بنسلفانيا الأميركية، وهو أحد الذين شاركوا في تأليف الكتاب البارز «صناعة القبول». ويعتبر هيرمان من أفضل الكتاب الإعلاميين في يومنا الحاضر.
يعرف هيرمان نموذجه بأنه الطريقة التي يعمل بها الإعلام، شارحا ما تستند إليه من الشروط الهيكلية الأساسية التي تعمل أجهزة الإعلام وفقا لها. هذا الوعاء تحديداً ما يجعل من الصحافة ومن باقي منتجات الإعلام متعنتة عن الالتزام بالأدب، أو عن إعطاء الناس ما ترغب في سماعه، أو قراءته، أو مشاهدته.
هذا الوعاء «الدعائي» يتكون من خمسة عناصر يمكن النظر إليها «كمرشحات»، أو منقيات للأخبار، وعليه، إن استخدام أو عدم استخدام أجهزة الإعلام لمادة خبرية سيعتمد على ما إذا كانت المادة ستجتاز هذه «المرشحات» أم لا، وفي هذه المرحلة تحديداً يفقد الإعلام وظيفته، أو تنتقص آدابه.
تأتي «التغذية الاسترجاعية» في المرتبة الرابعة من المرشحات الخمسة، ونعني بالتغذية الاسترجاعية «ردود فعل»، فحسبما يذهب هيرمان فإن المواد ذات التغذية الاسترجاعية السلبية تلعب دوراً مؤثراً في تعفف الصحافة من أن تخترق مناطقاً محرمة، تتسبب بتغذية ايميل الكاتب بتغذية استرجاعية سلبية.
بالاعتماد على مجمل المنظومة الاجتماعية السياسية، التي توضحها بيانات هذا الملف، نرى أن الشيخ عيسى قاسم يمثل من الأبعاد الاجتماعية للمنظومة الشيعية، بل إنه المنظومة المسيطرة على مجمل الحراك الاجتماعي، فحين يقبل «الوفاقيون» شيئاً ما، فهذا لا يعني قبول «قاسم» به، والعكس ملزم، فما يقبل به «قاسم»، تقبل به الوفاق، وإن لم يأمرها به.
من وجهة نظر إعلامية بحتة، تناولت قاسم، حاولت أن أصل بالقارئ الكريم إلى محطات من الفهم والاستيعاب لجغرافيا المؤسسة القاسمية، ولا أقول السياسة القاسمية، فليست هذه القراءة سياسية، وإن سيسها البعض عنوة.
ما يستحق الذكر، هو ذلك الخوف الذي كان يلتف بكل من حاولنا إشراكهم في هذا الملف، ولكل واحد تبرير كان يختبئ وراءه.
من جهة أخرى، يمكننا أن نطلب من الصحافة أن تتأدب عبر شكوى رسمية، غير أن الشكاوى التي تؤثر على الصحيفة في الحقيقة هي تلك التي تمثل تهديداً جدياً بالنسبة إليها، كأن تصدر من شخصية كاريزمية ذات ثقل اجتماعي.
للإعلام أن يحاول تفكيك الرموز وتحليلها، وكلنا نختبئ خلف الجمهور، ومصلحته، ورعاية قضاياه. وعليه، كان لنا أن نطرق الأبواب باحثين عن «الفهم» لمجمل الرموز الإجتماعية المؤثرة في الحراك السياسي البحريني.
وفي «الفهم» و«المعرفة» أدب كبير، يقدره «الشيخ» ويُجله
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1355 - الإثنين 22 مايو 2006م الموافق 23 ربيع الثاني 1427هـ