كثيراً ما ألتقي مع مدرّسات يعملنَ في مدارسنا الحكومية، وفي المراحل الدراسية المختلفة، وذلك بحكم ما تربطني بهنّ من علاقات، في الوقت الذي قليلاً ما استمع منهن مدحا عن مديرات المدارس اللائي يدرّسن فيها، إلى أن اكتشفت وجود نماذج كثيرة لمديراتنا الفاضلات، لكنني وللأسف لم استطع تذكر جميع النماذج التي تحدثت المدرّسات عنهنّ وقت كتابتي هذا المقال. المديرة الأولى اختلفت ذات مرة مع إحدى المدرسات لسبب ما، فقررت أن تطلب من المدرسات المقربات لها التوقيع ضد المدرّسة المعنية ليتم نقلها إلى مدرسة أخرى.
والمديرة الثانية عندما لجأت إليها إحدى المدرّسات بعد أن وقعت زميلاتها رسالة ضدها شكون فيها تصرفاتها، طلبت من المديرة أن تجد لهنّ حلا، بيد أن السيدة المديرة كلفت نفسها جهودا كبيرة ونادت على المدرّسة الأخيرة، لتقول لها أوجدي حلا لنفسك بنفسك، ومن وجهة نظري أرى أن تتقدمي بطلب نقل أفضل لكِ!
أما النموذج الثالث للمديرة فهي التي تعيش دائرة «الأنا»، حتى أنها تتعامل مع الطالبات بالأسلوب نفسه، لتقول أنا أستطيع أن أفعل كذا وكذا وكأنها تخاطب أفراداً من جيلها أو قرينات لها! إلى هنا ولم تنته نماذج مديراتنا الفاضلات.
أما النموذج الرابع للمديرة فقد استمر غيابها عن المدرسة شهوراً، وذلك بحسب شكاوى المدرسات اللائي يرفضن حتى لحظة نشر المقالة، الحديث عن الموضوع رفضاً قاطعاً، وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن الخوف كان ولا يزال يسيطر عليهّن.
وبالنسبة لي، حاولت أن أقنع نفسي بالأسباب التي تجعلها أو غيرها تتغيب عن الحضور، وإن كان بعلم من الجهة المسئولة دون أن تبلغ فرداً واحداً من المدرسة، لكنني لم أقتنع بذلك! وأما النموذج الخامس فإن بعض المديرات اللائي لا يبقين في مدارسهن واللائي يتعرضن للتنقلات من قبل وزارة التربية والتعليم باستمرار لا يكلفن أنفسهن في تغيير أو تعديل مرفق من مرافق المدرسة، وإن فكرن في ذلك فإنهن يلجأن إلى حلول ليست بجذرية للتخلّص من المشكلات التي تصيب مرافق هذه المدارس.
وآخر النماذج التي تذكرتها هنّ المديرات اللائي لا يجتمعن مع المدرّسات الأوائل ولا يتابعن معهن تطورات المواد الدراسية باستمرار، واللائي من جهتهن قد لا يتعاملن بالأسلوب المهذب مع زميلاتهن المدرسات، كأن لا يبذلن جهوداً في تحضير المواد الدراسية معهن أو الاجتماع بهن بين فترة وأخرى للتعرف إلى متطلباتهن، بل والأغرب من ذلك أن بعض المدرسات الأوائل يكلفن زميلاتهن بالقيام بواجباتهن، متناسيات أنهن مجرد «مدرسة أولى» ولسن مديرات.
وبغض النظر عن تصديق وزارة التربية والتعليم أو المديرات اللائي يقرأن هذا المقال أو حتى القرّاء أم لا، فإنني لا أود هنا أن أوجه اللوم إلى مديرات من دون غيرهن، أو أن أعمم الحديث على جميع المديرات، فالمثل الشائع يقول «اللي على راسه بطحة... يتحسسها»، ومن هنا أدعو جميع مديرات ومديري المدارس بمراحلها الثلاث الالتفات إلى تصرفاتهم ومحاولة كسب الطلبة والطالبات، بالإضافة إلى المدرسين والمدرسات الذين لن يستطيعوا تقديم أفضل ما لديهم في حال لم يحظوا بمعاملة جيدة من قبل رؤسائهم، كما هو الحال في أي مؤسسة حكومية أو أهلية. فكل مدير في أي مؤسسة تعليمية عليه التعامل مع الطلبة والطالبات كأبناء له بالمعنى الجوهري وليس الظاهري.
وأخيراً... كلنا أمل أن نتابع أخباراً إيجابية عن المديرات، لئلا تصلنا شكاوى أخرى، فأكتب مقالة أخرى توصلنا إلى النموذج 12 من المديرات، علما بأنني لا أعني إلا المقصّرات في أدائهن تجاه عملهن
إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"العدد 1351 - الخميس 18 مايو 2006م الموافق 19 ربيع الثاني 1427هـ