العدد 1350 - الأربعاء 17 مايو 2006م الموافق 18 ربيع الثاني 1427هـ

الإعلاميون في العراق... واللقمة المغمسة بالدم

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

تورد وكالات الأنباء من العراق أنباء عن مصرع العشرات يومياً، لكن لا أحد خارج العراق يستطيع الحصول على أنباء مؤكدة عما يدور في العراق لعدم توافر تغطية إعلامية في هذا البلد الذي أصبح مقبرة لعدد كبير من الصحافيين. ونظراً إلى سوء الوضع الأمني في العراق، تشكو وسائل الإعلام العالمية من نقص في المعلومات الواردة من هناك. ويلاحظ أن معظم الصحافيين الأجانب أصبحوا يتجنبون العمل داخل العراق، ويعتمدون في كتابة التقارير والتحليلات على مراسلين محليين ليس بوسعهم الحصول على معلومات حساسة تعكس حقيقة ما يجري في المدن العراقية.

منذ اندلاع الحرب في العام 2003 قتل ما يربو عن 80 صحافياً وعاملاً في وسائل الإعلام، إما على أيدي الأطراف المتناحرة أو تم استهدافهم من أطراف لم يرق لها ما نشروه أو بثوه، فسعت إلى تصفيتهم كما حصل مع مراسلة «العربية» أطوار بهجت. كما اتهمت قوات الغزو بقتل صحافيين آخرين، مثل مراسل تلفزيون «الجزيرة» بعد دخول القوات الأميركية بغداد. ولأسباب أمنية يوجد ممثلو وسائل الإعلام العالمية في دول مجاورة للعراق، ومنها يتابعون ويرصدون ما يتوافر لهم من معلومات، لكن كل ما يحصلون عليه لا يعبر عن نصف الحقيقة. وقد سحبت غالبية وكالات الأنباء مراسليها من العراق الذي بات اليوم خالياً من المراسلين الأجانب. والسبب الحقيقي هو عدم قدرة هذه الوكالات على تحمل الكلفة العالية لشركات التأمين على حياة الصحافيين في مناطق النزاعات الخطرة. عامل آخر، الخوف من تعرض المراسلين الأجانب للخطف والابتزاز بعد أن راجت أعمال الخطف في العراق وأصبحت تجارة تنشط بها عصابات نافذة. وقد عاد مهندسان ألمانيان قبل أسبوعين إلى ألمانيا، بعد أن أفرج عنهما الخاطفون بعد قضاء 99 يوماً في مكان مجهول. وذكرت وسائل الإعلام الألمانية أن حكومة برلين دفعت 10 ملايين دولار مقابل الإفراج عنهما. وطلبت الحكومة الألمانية من وسائل الإعلام التزام الصمت، كما رجت المهندسين عدم الإدلاء بمعلومات لوسائل الإعلام حول ما جرى عمله لحصولهما على الحرية.

وللتعويض عن نقص المعلومات فإن وكالة الأنباء الألمانية مثل منافستها الفرنسية (أ. ف. ب) تستعين بمراسلين عراقيين، بعضهم يجازف بحياته لتأمين لقمة عيشه. كما تتعامل وكالات أجنبية مع أشخاص لم يمارسوا العمل الصحافي في السابق، لكنهم يستطيعون جمع معلومات، لأنهم لا يلفتون نظر الأطراف التي تراقب الصحافيين، وبهذه الطريقة يستمر عمل هذه الوكالات، إلا أنها تظل عاجزة عن تقديم صورة حقيقية عن الواقع. ويوافيها المراسلون فقط بما يصدر من بيانات رسمية عن الحكومة العراقية والمركز الإعلامي التابع للقوات الأميركية ويرصدون ما تنشره وسائل الإعلام العراقية. وتشير معلومات هاتين الوكالتين إلى وجود مراسلين «محليين» لهما في بغداد والفلوجة وكربلاء والبصرة.

ويعترف المراقبون بوجود نقص واضح في المعلومات حول ما يجري في العراق. وفي مارس/ آذار 2005 أشار تقرير وضعته منظمة «مراسلون بلا حدود» بوضوح إلى الخطر الذي يحدق بالصحافيين الأجانب والعراقيين على السواء. وتعترف المتحدثة باسم هذه المنظمة المحايدة كاترين إيفرز أنه لا يجري تغطية أحداث في مناطق واسعة في العراق، وأحياناً تردنا أخبار مضى عليها الكثير من الوقت.

وقد أدرك الصحافيون العراقيون وجود هذه الثغرة، فسعوا إلى إنشاء وكالات أنباء لها مراسلون محليون في أرجاء البلد. منها وكالة «أصوات العراق» التي تشارك وكالة «رويترز» البريطانية في تمويلها بالتعاون مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي. وتقول إيفرز: إن الصحافيين العراقيين يسقطون أيضا ضحايا وهم يبحثون عن معلومات مثيرة ويدفعون أرواحهم ثمناً لها

العدد 1350 - الأربعاء 17 مايو 2006م الموافق 18 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً