أعلن أكراد العراق في الأيام الأخيرة تشكيل حكومة موحدة في كردستان العراق. ويأتي هذا الإعلان بعد مساع حثيثة من قبل كل الأطراف الكردية والعراقية والأميركية لإنهاء الشقاق الكردي الذي دام أكثر من عقد نتيجة الحروب المؤذية بين الحزبين الرئيسين في كردستان، الذي كان محل امتعاض لدى سائر الأكراد. فعلاً وكما قال نيجرفان البرزاني الحكومة التي أعلنها الأكراد ضمت أسماء مهمة ومن تكنوقراط الكرد، كما وجد المستقلون نصيبهم فيها، وربما يحدث هذا للمرة الأولى في كردستان، إذ كان يتم تشكيل حكومتين على شطري الإقليم (اربيل والسليمانية) وفق التحالف بين الأحزاب. ولا نستغرب ان وجدت كل التكوينات العرقية والمذهبية والسياسية، نفسها في حكومة كردستان الجديدة والموحدة، وأصبح إطلاق تسمية «حكومة الوحدة الوطنية» في كردستان مناسباً وخصوصاً ان التسمية تنسجم مع اسم حكومة العراق الفيدرالية، والتي من المفترض إعلانها بعد أيام إذا تم حل الخلافات بشأن المناصب السيادية بين الأطراف العراقية. لا شك في أن تشكيل حكومة كردية موحدة تضم ممثلين للكيانات العرقية والسياسية خطوة مهمة لبلورة الفدرالية، وهي ستساهم في تخفيف العبء على العملية السياسية في العراق، عدا عن كونها تشكل خطوة جديرة بتحقيق أماني الأكراد، الذين طالما عانوا من الشقاق والحرمان، ممن يمثلهم بطرق شرعية ومنتخبة بعيداً عن التعيينات.
ثمة من يرى أن تشكيل الحكومة الذي منح ثقة البرلمان، وبحضور سفراء دول مثل إيران والولايات المتحدة الأميركية، وعدد من الشخصيات العربية العراقية مثل نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي، ورئيس مجلس النواب المشهداني وغيرهما، إضافة إلى رئيس الإقليم مسعود البرزاني ورئيس المجلس الوطني لكردستان العراق عدنان المفتي، يعود بالفائدة ليس على كردستان فحسب وإنما على العراق أيضاً، وذلك سينظم التعاون وفق القانون المرسوم والمحدد في دستور العراق الدائم، إضافة إلى أنه سيضع كردستان في حال أخرى تتبلور معها فكرة المؤسسات، وستكرس الحكومة الموحدة جهدها لإنعاش كردستان وتسهيل قانون الاستثمار وخلق ثقافة الحزب المدني ليكون تشكيل حكومة كردية في الدورة المقبلة وفق انتخابات عامة ولا يتم تشكيلها وفق الاتفاق بين الحزبين الرئيسين اللذين وصلا إلى بلورة هذه القناعة. والأهم من كل ذلك أن رئيس الحكومة الموحدة نيجرفان البرزاني، وهو شاب كان ترشيحه محل ارتياح لدى شريحة النساء والشباب، الذين وقف إلى جانبهم في كل مناسبة وكان مستعدا للمساعدة المادية والمعنوية لهاتين الشريحتين، وقد وعد انه سيكافح ضد مرضين في كردستان: الإرهاب والفساد. مع تشكيل حكومة كردستان تم إزالة كل المعوقات البيروقراطية والفنية التي كانت عقبة كبرى أمام توحيد الحكومتين في زمن قياسي (حكومة الاتحاد الوطني الكردستاني مقرها في السليمانية وحكومة الحزب الديموقراطي الكردستاني مقرها في اربيل)، وسيسهم الوعد الأخير في ترتيب وتطبيع الأوضاع على الأقل في الجزء الشمالي من العراق، وإيجاد آلية متطورة لخلق ثقافة الشراكة والتعايش بين العرب والأكراد. ومرد هذا التفاؤل هو أن الحكومة تعتبر حكومة وحدة وطنية، إذ شاركت أطراف سياسية وقومية ودينية في الحكومة التي يبلغ عدد أعضائها 27 وزيراً، الى جانب عدد من الوزراء بصفة وزير إقليم. بقي القول إنه مع الإعلان عن الحكومة الموحدة الجديدة التي ستختلف عن سابقاتها بحسب البرزاني، يكون الأكراد قد خطوا خطوة جديدة نحو تعزيز الفدرالية العراقية عبر زوال مبررات عدم الاستقرار وطي صفحة الحروب والشقاق، وتعزيز روح التعاون الجماعي
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 1345 - الجمعة 12 مايو 2006م الموافق 13 ربيع الثاني 1427هـ