بما أن مشروع الإصلاح الملكي، كمشروع تأسيس لنهضة وطن وحرية شعب، ومعه قد احتضنه الشعب البحريني عندما تم طرحه للاستفتاء الشعبي، ونال من التأييد نسبة 98,4 في المئة، فإنه لا مهرب من تفسير عبارة «إصلاح الدستور ضرورة يقتضيها الارتقاء بمشروع الإصلاح الملكي»، على اعتبار أنها الربط الديالكتيكي في عملية تثبيت التوازن بين الأخذ والعطاء لحفظ المسيرة الإصلاحية من الإضطراب المعوق لسير سلس لها. إذ معه يصير المشروع الملكي الإصلاحي، وإصلاح الدستور جزئين مندمجين لا يتجزآن عن بعضهما البعض. ويؤولان إلى وحدة واحدة، إذ بعضها، لا يمكن طرح أي خيار للتمسك بإصلاح الدستور بمعزل عن التعاطي مع إصلاحات المشروع الملكي.
ويصبح الوقوف المتأني والمتبصر بعقلانية راسخة، وفعالة ديالكتيكية يدرك المتعامل معها مفهوم الديالكتيك فهما علميا بما يعنيه الديالكتيك في عملية الأخذ والعطاء المتوازيين الجاري تطبيقه في تشغيل الآلة ذات الاحتراق الداخلي المفيدة لإنجاز حاجة الإنسان... فإذا ما عبر عنه حسن مدن في إطار تناوله من تعليق في مقاله اليومي، ونخص مقاله بعنوان: «بصدد المؤتمر الدستوري» بتاريخ 26 مارس/ آذار 2006، وفي التالي نقتطف بعضاً مما قاله: «ولكن حكما من التغطية المنشورة في الصحف فإنه يمكن القول إنها تشكل أول مطالعة نقدية علنية من داخل الجمعيات الأربع، التي قاطعت الانتخابات النيابية، للطريقة التي أدارت بها هذه الجمعيات الملف الدستوري الذي اعتبرته ملفها الأساسي». والتي ننظر إليها من وجهة نظر كجهة سياسية في المنبر الديمقراطي التقدمي، بأنها قضيتنا (إصلاح الدستور) نحن أيضاً في موقف لا نساوم عليه مع بعض التصريحات التي تتناقض مع موقف المنبر الديمقراطي التقدمي... في موضوع المشاركة في مجلس الشورى حتى ولو أعطي صلاحيات التشريع الذي يؤسس لتداخل السلطات وإلى ما تقدم من أقواله يضيف حسن مدن، أحد رموز عمالقة المنبر الديمقراطي التقدمي، في تحليلاته لمجريات الحوادث المتفاعلة على الساحة الوطنية -ومعذرة للخروج الاضطراري عن صلب الموضوع- إنه بقدر ما توارى أمامه أولئك الأقزام الذين حدثتهم أنفسهم البليدة أن يدخلوا في سباق معه حالمين أن يهزموا عملقته، فإذا هم قد أججوا جميع المواقف ضد أنفسهم، وسقطوا في حال من الارتباكات التي صكتهم من كل جانب، فضيعوا البوصلة، وفقدوا وجهة الإبحار السليم... ومعه أحس وكأني بلسان حالهم يردد:
«لو أنا قبل تذوقنا الماء الراكد - نكتشف النهر
لو أنا نعرف كيف نقيس البحر - ونخفض الموج
لو أنا نسأل عصفوراً في الحلكة - عن وقت الفجر
لو أنا نسأل لو أنا ما كان الفطر نما حتى وصل الرأس
الجرح عميق والأعشاب لا تولد إلا أعشاب»
وعودة إلى مواصلة ما قطعناه، وللتواصل مع أقوال عملاقنا الكبير حسن مدن نقرأ أي تواصل مع حديثه «وهي طريقة أدت إلى عجز المؤتمر الدستوري نفسه عن استقطاب صف وطني واسع من الجمعيات والشخصيات الوطنية في العمل المشترك لبلوغ التوافق بشأن المسألة الدستورية، إذ ظل المؤتمر منحصراً في الجمعيات الأربع المقاطعة وحدها وعدد محدود من المحاسبين أو الحقوقيين القريبين من هذه الجمعيات الذين عرفوا باسم اللوبي الدستوري».
ومع احترامنا ومساندتنا لموقف الإخوة الثابت في الجمعيات الأربع من مسألة تعديل الدستور، بهدف فك التداخل القائم حالياً بين صلاحيات السلطات، والذي يسجل عيباً مشيناً في جبين ديمقراطتنا، كان من الأحرى والأصوب بموقف المشروع أن يتحاشاه، ويحتفظ بمواقع أقدامه ثابتة في أنزه الدرجات التي لا يطالها الانتقاد المحبط، أقول هذا انطلاقاً وانسجاماً مع موقف المنبر الديمقراطي التقدمي العام الذي دافع عنه أميننا العام وقائد مسيرتنا في جبهة التحرير الوطني عبر ما يزيد على خمسين عاماً من مسيرتنا النضالية، والذي خلفه بكل الفخر والاعتزاز في تثبيت موقف المنبر من قضايا الديمقراطية والانفتاح في عهد جلالة مليكنا حمد ومشروعه الإصلاحي حسن مدن ليأتي بعده شلة أطفال يعجزون عن ان يبرزوا أنفسهم في وقت يشتد فيه الطعان، ويحمى الوطيس، لقد هزلت حتى بان من هزالها عظامها.
وثمة كلمة أخيرة لابد من قولها وعلى المعنيين إدراكها واستيعاب ما بين سطورها من معان كامنة:
فإما ان تكون أخي بصدق
وأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني
عدوا أتقيك وتتقيني
ولنا لقاء ولقاءات على طريق الخير، وتثبيت الحق وإشعال أنوار الحرية، وعلى رأسها الحرية الفكرية، أساس تطور الشعوب وتقدمها بعيداً عن محاكم التفتيش وقضاتها الظلاميين الذين يريدون أن يمنعوا الأرض من الدوران حول الشمس.
كاتب بحريني
إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"العدد 1344 - الخميس 11 مايو 2006م الموافق 12 ربيع الثاني 1427هـ