تعطينا الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون الخليجي من أجل توحيد عملتها فرصة جديدة لإعادة التأكيد على أهمية التنظيم والتنسيق المشتركين لأسواق العمل الخليجية، كون هذا العمل من شأنه أن يسهم في عملية توحيد العملة.
إن توحيد اسواق العمل بدول مجلس التعاون الخليجي له الكثير من المزايا الاجتماعية والاقتصادية الاستراتيجية والحاسمة بالنسبة لمستقبل التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وخصوصاً على صعيد انجاح برامج تنويع القاعدة الاقتصادية، فهذه البرامج تتعرض لفقدان الكثير من فاعليتها كون جزء هام من القيمة المضافة المتولدة عن الاجور الاضافية التى تنفق على فرص العمل التي توافرها الانشطة الاقتصادية الجديدة تتسرب خارج بلدان دول المجلس عن طريق الايدي العاملة الاجنبية، وبالتالي وجود تسرب مهم في دورة التشغيل والاستثمار على مستوى الاقتصادات الكلية بدول المجلس. وبالتالي فان اتساع رقعة تشغيل الايدي العاملة الوطنية يعنى اتساع رقعة الاستفادة من القيمة المضافة المتولدة من الاجور والنفقات على الايدي العاملة بدول المجلس ككل.
كما أن تحركات القوى العاملة الوطنية خليجيا يمكن النظر اليها من بعد اقتصادي كلي أكثر منه بعدا متعلقا بالتشغيل في اسواق العمل الخليجية إذ انها آلية لامتصاص الصدمات وتحسين مرونة أسواق العمل كمتطلبات للاتحاد النقدي أيضا وذلك نظرا لانه من غير المنظور ان تشكل حالة التشغيل الخليجي - الخليجي الحل الرئيسي الكلي لمسألة التوطين ولكن فتح أسواق العمل الخليجية مع بعضها للقوى العاملة الوطنية يمكن اعتباره احد اهم متطلبات مرونة اسواق العمل والتي بدورها تشكل اهم متطلبات نجاح العملة الموحدة.
ونظرا للصعوبة الراهنة في حرية حركة عوامل الانتاج بين دول التعاون كآلية بديلة لسعر الصرف بعد قيام الاتحاد النقدي لاسباب متعلقة بالتنظيم والعوامل المؤسسية غير المتشابهة والتي من بينها نظم الضمان التي تعقد الى حد كبير تحركات القوى العاملة الوطنية خليجيا، فإنه بات من الضروري الاسراع في مراجعة تنظيمات أسواق العمل الخليجية. كما أنه بالنظر لغياب المرونة في الأسعار والاجور بدول التعاون في حال الصدمات النفطية التي يمكن ان تحدث من وقت لآخر، إذ إن الانفاق الحكومي هو الذي يشكل عامل الاستقرار الرئيسي للنشاط الاقتصادي والواقي الاساسي للصدمات وليس الأسعار أو الاجور، فإن ذلك يعني ان الاسعار والاجور والانفاق الحكومي بعد قيام الاتحاد لا يمكن ان تصنف كآليات بديلة لسعر الصرف. ومن هنا تبرز مجددا أهمية اللجوء إلى بدائل عملية لجعل هذه الاليات آليات بديلة لسعر الصرف بدلا عن تجاهلها وهي تعزيز حرية حركة عوامل الانتاج عن طريق الاجراءات الخاصة بالتعديلات في القوانين والمؤسسات التي من شأنها التأكيد على مرونة الأسواق وزيادة اعداد القوى العاملة الوطنية التي تنتقل للعمل فيما بين دول مجلس التعاون.
ونخلص من هذا الى اعادة المطالبة بضرورة الاسراع في تنفيذ قرارات المجلس الاعلى لدول مجلس التعاون والعمل على اتخاذ الاجراءات التنفيذية لهذه القرارات ومن بينها ازالة المعوقات امام حرية التنقل والعمل
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ