العدد 1342 - الثلثاء 09 مايو 2006م الموافق 10 ربيع الثاني 1427هـ

وزارة التنمية و«عقدة» الصناديق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل شهرٍ وعشرةِ أيام، تلقت الصناديق الخيرية رسالةً من مديرة «إدارة تنمية المجتمعات المحلية» بوزارة التنمية الاجتماعية بدرية الجيب، تقول فيها: «حرصاً من الوزارة على التقيد بالأنظمة والقوانين المنظمة لسير عمل الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة المسجلة بسجلات الوزارة، ولضمان قانونية وشرعية مجالس أمناء الصناديق الخيرية، يجب انتخاب مجلس أمناء الصندوق من بين المؤسسين».

لغةُ رسالةِ الجيب لم تكن مناسبةً على الإطلاق، وخصوصاً العبارة الأخيرة بسبب ما سينتج عنها من نتائج وتداعيات: «تؤكد الوزارة أهمية تعديل أوضاع الصناديق بالسرعة الممكنة، فإنها تعتذر عن التصديق على اعتماد توقيع الأعضاء من خارج المؤسسين على حسابات الصندوق».

الرسالة أحدثت إرباكاً للصناديق الخيرية، ليس فقط لاستحالة تنفيذ هذا الطلب التعجيزي وغير المنطقي، وإنما لأنه سيعرقل أيضاً عمل هذه المؤسسات التي يبلغ عددها 88 مؤسسة اجتماعية فاعلة، تقوم مشكورةً بتوفير الحد الأدنى من المساعدات الشهرية، إضافةً إلى مساعدات علاجية وتعليمية وشراء مستلزمات منزلية وأجهزة كهربائية... إلخ للأسر الأكثر حاجة وفقراً. كل ذلك سيتعطل جرّاء تفضل الوزارة بـ «سحب الاعتراف بشرعية هذه المؤسسات».

في المقابل، اعتبر عددٌ من الصناديق الخيرية هذا القرار غير قانوني، وخصوصاً في ظل غياب القانون المنظم للعمل الخيري. ويبدو للمراقب، أن ما يحصل في الوزارة في ظل تشكيلتها الجديدة، هو نوعٌ من التخبّط في العمل. هذا «القرار» في صيغته الحالية سيلحق الضرر بمصالح عشرات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر بدرجات، وبعض هذه العوائل دخلها الشهري يساوي «صفراً».

ولكي نعرف مدى كارثية هذا القرار، علينا قراءة بعض الأرقام الدالة، فاستناداً إلى دراسة الباحث حسين المهدي، التي أجراها في مطلع التسعينات، توصل إلى أن مجموع ما تقدمه الصناديق (29 صندوقاً آنذاك)، هو ما بين 4 و6 ملايين دينار بحريني. وتم تجديد الدراسة في العام 97 مع زيادة عدد الصناديق، فقدّرها المهدي بما بين 8 و9 ملايين. ولو أخذنا هذه الأرقام مؤشراً أوليّاً، لأمكن تقدير ما تضخه من خدمات ومعونات بـ 15 مليون دينار، إن لم يكن أكثر، كما يقول المهدي. وهو رقمٌ لا يستهان به على الإطلاق، وخصوصاً انه يقارب ضعف ما تقدمه وزارة التنمية الاجتماعية نفسها، بحسب الرقم الذي أعلنته يوم أمس الأول، والذي لا يزيد على 8 ملايين و400 ألف دينار كمخصصات للأسر المحتاجة (وحتى لو أضفنا مساعدات المعوقين والكهرباء وكوارث الحريق فلن يتجاوز الرقم 13 مليوناً، وتحديداً 12.877.800، وهو أقل من مصروفات الصناديق).

إذا علمنا ذلك، فمن المفترض أن تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بدعم هذه المؤسسات المدنية الفاعلة، وتعزيز دورها الريادي في مجال التنمية الاجتماعية، لا أن تقف لها بالمرصاد، تتربص بها الدوائر وتعاملها كمؤسساتٍ مريبةٍ مشكوكٍ فيها، وتتحين الفرصة للإطاحة بإداراتها وسحب غطاء الشرعية عنها، وكأنها مؤسساتٌ نزلت من المريخ وليست مؤسسات أنبتها المجتمع البحريني، في أبرز صور التكافل والتضامن الاجتماعي.

ربما يكون هناك خللٌ قانوني، وهو ما لا تتحمّله الصناديق، بل هو من مسئولية الوزارة، الجهة التنظيمية الرسمية، التي يفترض أن تدرس الوضع، وتستدعي المجالس للتشاور معها، من دون لغة تهديدٍ أو ترهيب، للتوصل إلى حلٍ معقول، يخدم استمرار العمل الخيري لما فيه مصلحة الطبقات الفقيرة

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1342 - الثلثاء 09 مايو 2006م الموافق 10 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً