من المستلزمات الأساسية لانجاح أي برامج للتنمية الصناعية بوجه متغيرات العولمة هو ضرورة الاستمرار في تطوير وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية وتقديم الحوافز لزيادة اعدادها والارتقاء بمستواها الفني والاداري، وذلك بهدف تحقيق الاستخدام الامثل للقوى العاملة الوطنية. لقد شهدت الكثير من دول العالم والتي تمتلك تجارب ناجحة تأسيس مراكز متخصصة على مستوى الصناعات والمهن المختلفة لتأهيل العمالة الوطنية لعملية الاحلال، وتوعية هذه العمالة بأهمية الصناعات والحرف المهنية لزيادة الاقبال على العمل بها. بالاضافة إلى منح حوافز تشجيعية لمؤسسات القطاع الخاص الصناعي التي تعمل على توظيف نسبة معينة من العمالة الوطنية، وتقديم الاعانات المالية للشركة والمؤسسات المؤهلة للاستفادة من هذه الحوافز وتطوير السياسات التعليمية، وعلى وجه الخصوص، برامج ونظم التعليم العام والفني والمهني بصورة تجعلها اكثر تنوعا وملاءمة مع احتياجات اسواق العمل، واتاحة الفرصة المتزايدة أمام الاناث للعمل بعد تدريبهن مهنيا في القطاعات المختلفة.
ان صغر حجم السوق المحلية يفرض ضرورة الاسراع في تنفيذ الاتفاق الاقتصادي الموحد وازالة العوائق التي تحول دون تنفيذها واعطاء الاولوية لتفعيل تنفيذ التعريفة الجمركية وصولا للسوق المشتركة، وإلى ضرورة انشاء جهاز يتولى عملية تنمية الصادرات ويعمل على ازالة العوائق وتهيئة الظروف الملائمة لوصول المنتجات المحلية إلى الاسواق الخارجية وتقديم حوافز مشجعة للصادرات.
كذلك العمل على زيادة فاعلية المصارف التجارية في تمويل المشروعات الصناعية من خلال تعزيز رؤوس اموالها، وحثها على الاستثمار المباشر في الصناعة، وتبسيط اجراءات الضمان المطلوبة لها، والعمل على زيادة القدرات المالية لبنك التنمية من خلال زيادة رأس ماله، وزيادة قدراته الفنية والادارية وتطوير اللوائح والانظمة المعمول بها وجعلها اكثر مرونة بحيث يستطيع الاقتراض من المصارف الاخرى، لتمكينه من المساهمة في رؤوس اموال المشروعات الكبرى وتوسيع مجال نشاطه الحالي.
وفي هذا الإطار، تبرز ايضا أهمية تطوير سوق الاوراق المالية وتطويره ليلعب دوره كقناة لتجميع المدخرات المحلية، وجذب الاستثمار الاجنبي والاموال الوطنية المستثمرة في الخارج. بالاضافة إلى الاهتمام بقطاعي التأمين والنقل البحري لما لهذين القطاعين من دور مهم في تسهيل حركة التجارة الدولية.
قضية أخرى من الضروري الإشارة إليها هنا وهي الاندماجات بين الشركات العملاقة العالمية، فهذه الظاهرة الآخذة في الازدياد والتي تمليها اعتبارات عدة، تشكل، في ظل العولمة، مصدر ضغط على الشركات المحلية التي تعتبر صغيرة بالمقاييس العالمية، وامام مثل هذا الوضع لا يجد المصنعون مفرا سوى سلوك الطريق نفسها، لدعم قدراتهم التنافسية وجني المكاسب التي تتحقق من وراء الاندماج، أو انشاء تحالفات استراتيجية والمتمثلة في: الاستفادة من وفورات الحجم، وتعزيز القوة التفاوضية في سوق السلع، وتحسين الانتاجية، واختصار الكلف في مجال البحث والتطوير، وزيادة القدرة على المنافسة. لذلك لابد ان نعد انفسنا للمنافسة في الاسواق المفتوحة، وهذا يتطلب تضافر جهود الجميع، في القطاعين العام والخاص، لتعميق قدرة الصناعة على اثبات وجودها، واجتذاب الاستثمارات الخاصة المحلية منها والاجنبية، في وقت أصبحت فيه الساحة مهيأة لاضطلاع القطاع الخاص بالدور الأكبر في الاستثمار الصناعي
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1336 - الأربعاء 03 مايو 2006م الموافق 04 ربيع الثاني 1427هـ