العدد 1334 - الإثنين 01 مايو 2006م الموافق 02 ربيع الثاني 1427هـ

دعاة «جلد الصحافة» في ورطة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من رحمة الله على عباده وعلى البرلمان، أن موضوع قانون حبس «الصحافيين»، واجه طعوناً مع بداية المناقشات، فالنائب فريد غازي ضرب في شرعية مناقشته من الأساس، بينما ضربه غانم البوعينين، من زاوية أخرى، إذ كشف التناقض الفاضح بين الأحكام «المقترحة» من جانب لجنة الخدمات!

البوعينين يبدو - والله أعلم - انه الوحيد الذي قرأ المقترح ودقق في مضامينه جيدا، لذلك جاءت ضربته أقسى وأشد، حين وصف التعديلات التي أدخلها بعض زملائه بأنها «عشوائية»، إذ لم توازن بين الجرم والعقوبة، فأصبحت عقوبة من يمس الموظف العام أشد من عقوبة من يمس الذات الإلهية! الأول يسجن مدة تصل إلى خمس سنوات، بينما من يمس الأنبياء والذات الالهية فلا يحبس أكثر من سنة واحدة! دينياً: أليس ذلك «بدعة»، وكل بدعة ضلالة!

الطعون نفسها، والأجواء عامة، تعطي انطباعا بأن «الجماعة» تورطوا في مناقشة قانون لم يقرأوه، ولا ندري ما هي «القوة العظمي» التي «حرضتهم» من وراء ستار لتمرير هذا القانون وبهذه الصورة المستعجلة، (مع معرفتهم ان العجلة من الشيطان)، دون تقدير لخطورة إقراره على مستقبل الإصلاح وحرية التعبير في البلد.

القوى التي تدفع باتجاه تمرير القانون عادة ما تتدثر بالإسلام في مواجهة أية انتقادات أو تقييمات لأدائها الهزيل في البرلمان، فلا بأس بمناقشتهم من زاوية «شرعية» بحتة. فإذا كان أصحابنا قدموا مقترح «قطع يد السارق»، انطلاقا من الرغبة في تطبيق الحدود (ونحن لا نشكك في النوايا)، فما هو الحد الشرعي الذي يستندون إليه في سجن الصحافي؟ وبأي مستند شرعي تفسر الرغبة السادية الشاذة في «جلد الصحافيين»؟ ومن أية آية استنبطوا هذا الحكم؟ وعلى أي حديث شريف استندوا؟ وهل هي فتوى؟ ومن من النواب يدعي امتلاك أدوات الفتوى أو الأهلية للإفتاء أصلا؟

إن التشبث بالحجج الواهية، لن يزيد موقف دعاة الجلد والسجن إلا ضعفا. والتستر بأذيال الشريعة و«الحدود» الشرعية لن يخرجهم من مأزق ضعف الأداء، وإذا كانوا يطالبون بقطع يد السارق، لوجود سوابق في التاريخ الإسلامي وإن كانت نادرة، فإن سن «بدعة» سجن الصحافي وأصحاب الرأي، سيجعل منهم أسوأ الأمثلة، وربما لأول مرة في تاريخ العالم الحديث، على تمرير «قانون» تفوح منه رائحة كنائس القرون الوسطى.

ربما أخطر ما يتشبثون به موضوع التعرض للذات الإلهية، مع أن وزير الإعلام محمد عبدالغفار، وهو شخص مقرب من التيار الإسلامي الذي يدفع باتجاه تقييد الصحافة وسجن الصحافيين، فند هذا الطرح الخرافي قبل شهرين. ففي جولاته الأخيرة على الصحف المحلية، أجاب على سؤال مشترك طرحه كثير من الزملاء عن هذه المحاذير، فقال بوضوح: «نحن شعب مسلم، ومن يتعرض للذات الإلهية سيخرج الناس كلهم يتظاهرون ضده».

في البحرين، لا يوجد صحافي محترم يجدف على الله، ولا يوجد صحافي محترف يتعرض للقيادة السياسية في البلد، فالتشبث بمثل هذه الحجج الهزيلة يسيء إلى أصحابه، ويشوه صورتهم أمام الرأي العام المحلي والخارجي، قبل أن يسيء إلى المجتمع الصحافي أو ينال من دور الصحافة الوطنية

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1334 - الإثنين 01 مايو 2006م الموافق 02 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً