العدد 1329 - الأربعاء 26 أبريل 2006م الموافق 27 ربيع الاول 1427هـ

شويطر ودشتي... شاهدتان على «العدالة»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ندوة «مقاربات العدالة الانتقالية في البحرين»، تحدّث عددٌ من المتكلمين، مواطنين بحرينيين، وضيوفاً عرباً وأجانب. وفي مثل هذه الندوة الحقوقية مهما حاول المرء ألا يتكلّم سياسةً، فإنه ينتهي إلى السياسة لأن «العدالة الانتقالية» ببساطةٍ، موضوعٌ سياسيٌ، ولا أدري كيف فات مثل هذا المفهوم البديهي على «وزارة العدل» في بيانها المنشور أمس، الذي «أفتت» فيه بأن الندوة تم تسييسها!

من بين المتحدّثين كانت هناك سيدتان، تكتسب شهادتهما صدقيةً عاليةً، لأن صوت المرأة عادةً ما يكون خفيضاً، خصوصاً عندما يتكلّم الرجال، فكيف إذا تعلّق بانتهاكات حقوق الإنسان؟

قبل أن تتكلّم السيدة إيمان شويطر، قدّم لها عريف الندوة بصفتها «زوجة شهيد»، ما جعل القلوب تنتفض تحفزاً. وبدأت تتكلّم في رويةٍ ووقارٍ وهدوء: «أنا زوجة شهيد (هاشم العلوي)، أنا سنية، وقد التحقت باللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب من البداية، وأوصي بضرورة اجتماع الجميع على هذا الملف الوطني، وتجنب الخلافات الجانبية لضمان إنجاحه».

كانت تتكلّم وخيالي يذهب إلى تخيّل زوجها الذي قضى في سجن «أمن الدولة»، بالعنبر الغربي من سجن القلعة الداخلي، وربما في أحد أبراج القلعة. لا أحد يدري بأية طريقةٍ قضى، ولو كانت لدينا لجنةُ مصالحةٍ وجلساتُ استماعٍ كما فعل أشقاؤنا المغاربة لعرف الشعب مئاتٍ من أمثال هذه الحكاية الموجعة، ولتكشّف حجم الانتهاكات التي تعرضت لها القوى السياسية الشعبية في هذا البلد أيام «أمن الدولة»، لئلا يخرج علينا بعض المتطفلين المتصيدين لتحريف قضيةٍ إنسانيةٍ بحتةٍ إلى قضيةٍ طائفيةٍ بغيضة.

المتحدّثة الأخرى كانت الناشطة ليلى دشتي، إذ تكلمت عن تجربتها كزوجةٍ اعتقل زوجها، وتكفّلت برعاية أولادها في تلك الأيام المريرة. وكانت بانتظارها تجربةٌ أخرى أكثر مرارةً، إذ طالتها يد «أمن الدولة» فدخلت المعتقل، وظل أبناؤها ضائعين في الخارج. ووجهت دشتي سؤالها للخبراء العرب والأجانب الجالسين على المنصة قائلة: «أنتم تتكلّمون عن جبر الضرر، فهل هناك طريقةٌ يمكن بواسطتها تحديد مدى الضرر الواقع على الأسرة بالكامل في مثل هذه الحالة؟».

ندوة الأحد امتدت من الساعة الرابعة حتى العاشرة مساء، تخللتها فترات استراحة قصيرة، وتمكّنتُ من حضور الساعات الثلاث الأخيرة. والندوة يمكن اعتبارها خطوةً على الطريق الصحيح، لتستمع الأطراف المختلفة لرأي بعضها بعضاً، على طريق بناء الثقة بين أطرافٍ شاب علاقاتها الكثير من الشكوك طوال عقود. من هنا أعتقد أن بعض من بدأ الهجوم وتوزيع التهم على المشاركين، أو على بعض وزارات الدولة، أما أنه لا يزال في غيبوبة القرن الماضي، وإما أن يكون مدفوعاَ من قبل بعض «الأجهزة» أو الجهات.

خلال الاستراحة الأخيرة، كان من بين مَنْ تكلمتُ معهم، أحد مندوبَيْ وزارة الخارجية، إذ سألته عن توقعاته عما قد تسفر عنه مثل هذه الندوة، فقال: «جئنا لننقل الأجواء عما دار للوزارة، فلسنا جهةً تنفيذيةً، فهناك جهات أخرى معنية بالأمر». سألته: «مثل من»؟ فأجاب: «وزارة العدل والداخلية والنيابة العامة، وهذه المناقشات تهمنا في تقديم البحرين في أفضل صورة ممكنة». فقلت: «تأكد أن هؤلاء كلهم، ومن مختلف الأطياف السياسية، يهمهم تقديم أفضل صورة ممكنة للبحرين، لأنها بلدهم»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1329 - الأربعاء 26 أبريل 2006م الموافق 27 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً