كان النفط هو سيد الموقف العالمي خلال الأسبوع الماضي، فمن ارتفاع أسعاره إلى 74 دولاراً وهو أعلى مستوى له منذ العام 1988 إلى تصريحات الوزير الإيراني بأن سعر النفط لا يزال لا يمثل مستواه الحقيقي، وإلى تصريحات وزير الطاقة القطري عبدالله بن حمد العطية ان منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) لا تستطيع مواجهة الارتفاع القياسي في أسعار النفط الخام عازيا هذا الامر الى «قلة المصافي» وخصوصا في الولايات المتحدة، علاوة على المواجهات السياسية بين الغرب وإيران بشأن المفاعلات النووية ووصولا إلى حوار الدوحة بين منتجي ومستهلكي النفط هذا الأسبوع في إطار المنتدى الدولي للطاقة، وانتهاء بالاجتماع المشترك بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووزراء مالية مجموعة الدول السبع الذي سيعقد أيضا هذا الاسبوع في واشنطن للحوار بشأن ما اطلق عليه «نحو وضع سليم للاقتصاد العالمي يخلو من المخاطر المرتبطة بأسعار النفط القياسية» نقول وسط هذه التداعيات والتطورات... أين تقع مصالح دولنا الخليجية؟
في البدء لا بد أننا نسجل اتفاقنا التام مع تصريحات الوزير القطري من أن الدول المنتجة للنفط فعلت ما وسعها للسيطرة على أسعار النفط - كما هو الحال بالنسبة إلى تدخل الحكومات الخليجية لمحاولة وقف انهيار أسعار الأسهم في أسواقها - ولكن ما بات واضحا أن عوامل خارج سيطرة المنظمة وليس لها علاقة مباشرة بقلة المعروض هي ما تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، كما أننا نتفق أيضا مع تصريحات الرئيس الإيراني من أن أسعار النفط لاتزال بعد لا تمثل مستوياتها الحقيقية إذا ما أخذنا في الاعتبار عوامل العرض والطلب.
لذلك، فإن على دول المجلس ألا تخضع لضغوط الغرب للتدخل في خفض الأسعار وخصوصاً أن اتجاهات النمو الاقتصادي العالمي خلال العام الماضي وهذا العام أظهرت مرونة كبيرة في قدرة هذا النمو على التكيف مع المستويات المرتفعة نسبيا لأسعار النفط، كذلك بالنسبة إلى معدلات التضخم في الغرب، وبالتالي، فإن ادعاءات الولايات المتحدة والغرب أن المستويات المرتفعة للنفط تهدد النمو الاقتصادي العالمي تنفيها إشادة صندوق النقد الدولي بوضع الاقتصاد العالمي، إذ رفع تقديراته لنمو هذا الاقتصاد من 6,4 في المئة الى 9,4 في المئة في 2006.
كما توقع تقدما بنسبة 7,4 في المئة في 2007، بينما أكد كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي راغورام راجان ان «لأسعار النفط المرتفعة تأثيرا كبيرا على النمو لكن أقل بكثير» مما كان يخشى قبل بعض الوقت. وأضاف ان «ارتفاعا جديدا بنسبة 10 في المئة في أسعار النفط يكلف النمو العالمي بين نقطة ونصف النقطة».
لقد أظهرت التجربة التنموية لدول المجلس أنه في حين أن اقتصادات هذه الدول تستجيب ببطء لارتفاعات أسعار النفط، إذ يستغرق ذلك عدة سنوات، فإنها أظهرت حساسية مفرطة لتراجع الأسعار وينعكس ذلك بصورة مباشرة على عدم استقرار تنفيذ برامج التنمية، وبالتالي فقدان القدرة على التخطيط الاستراتيجي واتجاهات مسيرة النمو الاقتصادي. وبينما أصبح الجميع مقتنع ان قدرة دول المجلس على البقاء بعيداً عن الاعتماد على النفط هي محدودة وستأخذ وقت أطول مما هو متصور
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1327 - الإثنين 24 أبريل 2006م الموافق 25 ربيع الاول 1427هـ