لم تكتف الحكومة أو جماعات الضغط الأخرى بتقييد الصحافة والضغط عليها من خلال المعلن أو ملاك رؤوس الأموال؛ بل تتجه الحكومة البحرينية ومن خلفها «البرلمان» الذي يثبت يوماً بعد آخر، ويؤكد الحال «الاستزلامية» للحكومة، وذلك في ذيلية لا يدانيه فيها خبير قانوني يعمل في الحكومة ويدعي أنه «ليبرالي» لا يوافق على تقييد حرية الصحافة، في حين أنه وإدارته من قام بصوغ القانون المقيد للصحافة بحكم منصبه! وحينما يخرج الأخ على التقاعد سوف «يطنطن» بأنه كان ضد تقييد حرية الصحافة وضد حبس الصحافي... إلخ من تبريرات. تماماً كما فعل من سبقه مع «قانون أمن الدولة»!
الفقرة السابقة ليست تجريحاً في حق أحد من «النواب» أو «المسئولين» في الحكومة؛ بل هي تشخيص منطقي للوضعية الخطأ والموقف الخطأ، الذي يتخذه بعض النواب والمسئولين في الحكومة، في حالنا البحرينية إزاء قانون رقم (47) الذي ينظم مهنة الصحافة والطباعة والنشر.
لا أعلم لماذا تقفز إلى ذهني صور وشبكة امتدادات ومصالح الأشخاص من دون الالتفات إلى الأشياء المادية. اعتقد أنني على حق في ذلك؛ إذ الأشخاص هم من يصنعون الحاضر ويساهمون في صوغ المستقبل، وهكذا فإن نقد الوقائع المادية ومواطن الخلل في «سيستم» الدولة (المجتمع والسلطات) لا يمكن إصلاحه إلا من خلال إصلاح التصرفات والسلوكيات وتقويمها، ووضعها على الأساس السليم لمجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والخير للناس جميعاً، وبالتالي الوصول بهم إلى مجتمع حر متقدم راق.
النظام السياسي الذي تم التوافق عليه في ميثاق العمل الوطني هو من تحميه وتذود عنه الصحافة البحرينية، وهي توجه إلى مواطن الخلل ومواقع الخروج على «السيستم»، وبالتالي فإنه يجب حمايتها وإعطاؤها المكانة اللائقة من خلال الحفاظ على أمن الصحافي وحريته، سواء في كتابة ما يؤمن به من أفكار ومعتقدات، أو ما يشير إليه من فساد. وعلى هذا الأساس فإن الصحافيين أكثر من يجب أن توليهم الرعاية والحماية القانونية. أما الزج بهم في غياهب السجون من أجل كلمة تقال هنا أو تحقيق ينشر هناك، حتى وإن كان فيه من الخطأ فإن للمتضرر أن يرد أو يعقب أو يعلل ويبرر وله حق نشر رده وتبريره. إذاً، على ماذا يخاف بعض النواب وبعض المسئولين في الدولة من الصحافة وترتعد فرائصهم؟!
عطني إذنك
جميع دول العالم تتجه إلى إلغاء عقوبة الحبس بالنسبة إلى الصحافيين. ولكن وحدهم «العقوباتيين الجدد» من النواب مع حبس الصحافيين والكتاب، وهم أصحاب امتدادات ومصالح يخشون من نشرها أمام الناخبين والناس أجمعين... وفي ضوء موقفهم هذا، على الصحافة ومسئوليها عدم نشر صورهم أو أخبارهم، والزج بهم في خانات: «ممنوع من النشر». رجاء أخير لرؤساء التحرير والصحافيين: لا تنشروا صورهم وأخبارهم، دعوهم فإنهم يحاولون سجن الكلمة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1324 - الجمعة 21 أبريل 2006م الموافق 22 ربيع الاول 1427هـ