العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ

رؤية إيجابية عن العلاقات الإيرانية - العربية

محمد فرازمند comments [at] alwasatnews.com

-

عند الحديث عن العلاقات الإيرانية مع دول الجوار العربي، نفضل التطرق إلى المشتركات وأواصر ووشائج القربى بدلاً من الضرب على أوتار التفرقة والخلاف، ونؤمن بشدة أن المشتركات أكثر من المفارقات ولا نعتقد أن هناك خلافاً لا يمكن تسويته من خلال الحوار والطرق السلمية.

إضافة إلى ذلك، نعتقد أن بعض سوء الفهم ونقاط الخلاف التي تطرح من قبل القلة من الكتاب والمفكرين ولى عهدها وأصبحت جزءاً من التاريخ ولا أثر لها في العلاقات الإيرانية العربية ومنها:

قضية استقلال البحرين والموقف الإيراني المعارض

لاشك أن هذا الموضوع أصبح جزءاً من التاريخ منذ استقلال البحرين والاعتراف الإيراني به، إيران تتعامل مع البحرين دولة مستقلة وجارة وتسعى إلى إقامة أفضل العلاقات معها ونستغرب اثارة هذه الموضوعات من قبل بعض المتحدثين من أبناء المنطقة وخصوصاً هنا في البحرين.

موضوع تصدير الثورة

يجب أن ينظر إلى هذه المقولة بواقعية والتفكيك بين ما قامت به إيران وبين بعض الشعارات التي كانت تفسر من دون التطرق ومن دون الأخذ بتداعيات التغيير السياسي الكبير الذي حدث في إيران في المراحل الأولى من انتصار الثورة الإسلامية.

السياسات النفطية

لا تشكل السياسات النفطية في الوقت الراهن عامل خلاف بين إيران وجيرانها، وأدى خفض سعر برميل النفط إلى أقل من 10 دولارات في منتصف التسعينات إلى حدوث انسجام وتقارب أكثر في الرؤى وخصوصاً بين إيران والمملكة العربية السعودية اللتين يمثلان ركنين مهمين في منظمة الأوبك وهي المنظمة التي تجمع تحت سقفها الدول العربية المصدرة للنفط وإيران ودولاً أخرى، ويمكن من خلالها لهذه الدول ان تصل إلى رؤى مشتركة فيما يتعلق بالسياسات النفطية، وبالتالي لا تعد السياسات النفطية عامل خلاف بين إيران والدول العربية المصدرة للنفط.

الصراع العربي الإسرائيلي

إنه لمن دواعي الاستغراب اعتبار هذا الصراع عامل خلاف بين إيران والدول العربية من قبل البعض المحسوبين على المثقفين العرب، ولا يخفى على القاصي والداني وقوف إيران بكل جدارة مع القضية العربية الأولى التي دفعت ومازالت تدفع ثمنها، نحن نؤمن بأن القضية الفلسطينية قضية إسلامية وعربية بالدرجة الأولى وتعني كل المسلمين.

تسمية الخليج الفارسي

نحن نتساءل هل حقيقة يمكن اعتبار هذا الموضوع عامل خلاف بين إيران والدول العربية، هل أحد من كلا الجانبين تردد في علاقاته مع الطرف الآخر بسبب استخدامه تسمية أخرى، إيران وعلى رغم تمسكها بالتسمية التاريخية في أدبياتها وعلى رغم وجود مستندات تاريخية تثبت صحة هذه التسمية وترى أنها الطرف المحق في هذه القضية لا تحبذ الدخول في مثل هذه المجادلات.

وأما عن الملفات الجديدة التي يثيرها أصحاب الرؤية التشاؤمية كنقاط خلاف وهي:

الملف النووي الإيراني

لا يستطيع أحد بحسب القوانين الدولية انكار حق أية دولة في استخدام التقنية والطاقة النوويتين، ولحسن الحظ، هناك تأكيد من قبل قادة دول المنطقة على حق استخدام الطاقة النووية.

أما القلق والهواجس التي يعبر عنها بعض الكتاب ومن يعتبرون انفسهم من المفكرين، نسألهم هل تعرفون آلية دولية أو قوانين أخرى يجب على إيران اتباعها والالتزام بها غير الآليات المعروفة والقوانين المتبعة من قبل إيران لكي تخفف من هواجسكم؟

على الصعيد الدولي، هناك 3 أنظمة ومعاهدات تراقب سلامة وسلمية النشاط النووي، ألا وهي - TPN «معاهدة عدم الانتشار» - النظام الأساسي لـ AEAI والبروتكول الإضافي الذي يضمن حق التفتيش المفاجئ من قبل مفتشي AEAI - وإيران وقعت والتزمت بكل هذه المعاهدات والأنظمة، إضافة إلى ذلك أعلنت استعدادها إنشاء شركة متعددة الأطراف لتخصيب اليورانيوم تحت إشراف AEAI وبمشاركة شركات أجنبية تمثل الدول أو الجهات التي لها هواجس.

كذلك قبل فترة فتحت إيران أبواب منشآتها أمام الصحافيين العرب ليشاهدوا ويستمعوا إلى شرح المختصين ويسألوا ما يشاؤون للاطمئنان على سلامة وسلمية النشاطات.

منذ التصعيد الأوروبي والأميركي السياسي قامت إيران بايفاد دبلوماسييها وكذلك المسئولين الفنيين إلى دول الجوار لتقديم ايضاحات بشأن برنامجها النووي وسلميته، فخلال الأشهر الماضية زار وزير الخارجية، رئيس مجلس الأمن القومي ونائب وزير الخارجية برفقة مساعد منظمة الطاقة الذرية، دول المنطقة وشكل الملف النووي والوضع الراهن في العراق محور المباحثات في هذه الجولات، كما تضمنت النقاشات اقتراحات. وأعلنت إيران خلال تلك اللقاءات استعدادها لاستقبال أي وفد سياسي أو فني من دول الجوار العربي وتنظيم زيارة لهم للمنشآت والإجابة على أسئلتهم. إذاً ما هو المطلوب من إيران فوق كل ذلك.

العلاقات الإيرانية العراقية

مع الأسف البعض يتكلم عما يسمى بالنفوذ الإيراني في العراق أو التغلغل الأمني وكأن إيران هي التي احتلت العراق وليست هناك مشكلة في العراق بسبب وجود قوات الاحتلال الأميركي، إيران لا تخفي علاقاتها الحسنة مع الكثير من الشخصيات في الحكومة العراقية الجديدة ولا تخجل من الترابط والتواصل الثقافي والمذهبي والاخوي بين الشعبين الإيراني والعراقي بشيعته وسنته وأكراده، ونعتقد أن هذا هو الوضع الطبيعي بين دولتين كبيرتين في المنطقة، ولماذا البعض يرى ان مناخ الخلاف والعداء يجب أن يسود العلاقات بين الدولتين كما كان في عهد طاغية بغداد.

إن وجود علاقات أخوية ليس ذنباً يحاسب عليه إيران، المهم كيفية استثمار هذه العلاقات. إيران ومنذ الخطوات الأولى للشعب العراقي لتقرير مصيره وتشكيل انظمته المدنية وقفت بجانب الشعب العراقي ورفضت الإرهاب وقتل الابرياء وترفض كذلك الاحتلال، وترى ضرورة مساعدة الشعب العراقي في الاسراع بتشكيل حكومته الوطنية والانظمة المدنية من أجل استتباب الأمن في هذا البلد وتمهيد الارضية لانهاء الاحتلال فيه، ولذلك كانت إيران في مقدمة الدول التي اعترفت بالحكومة العراقية المؤقتة ومن ثم الحكومة الانتقالية ودعمت إجراء الانتخابات وهي مستعدة لان تقدم كل ما تستطيع من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في العراق، وعلى رغم عدم ثقتها بأميركا فيما يخص ملفاتها الثنائية، فانها فور طلب الشخصيات العراقية منها الدخول في مفاوضات مباشرة مع أميركا بشأن الأوضاع في العراق وافقت على هذا الاقتراح الذي لم يقدم من جانب شيعة العراق فقط، كما يظن البعض بل جاء كذلك من قبل رئيس الجمهورية، والحكومة العراقية بكاملها تدعم اجراء مثل هذه المفاوضات، وبكلمة واحدة إيران تريد ان تكون علاقاتها المتميزة مع الشعب العراقي في خدمة تحقيق الاستقرار والأمن في هذا البلد الجار ومساعدته لكي يتخلص من الاحتلال وتداعياته.

الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل

منذ فترة ونحن نسمع اصوات عدد قليل من المحسوبين على المفكرين السياسيين يطالبون باستبدال المشروع العربي المشرف وهو جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بمشروع انحرافي وهو جعل الخليج الفارسي خالياً من أسلحة الدمار الشامل ولاشك أن المستفيد الرئيسي من هذه الفكرة هو دول شرق أوسطية نووية خارج منطقة الخليج الفارسي وعلى وجه التحديد «إسرائيل» ولحسن الحظ هذا الصوت لم يلق ترحيبا من قبل الحكومات العربية وغالبية المفكرين والسياسيين العرب. هذا المشروع انحرافي لأن الخليج الفارسي فعلاً خال من أسلحة الدمار الشامل وإيران وقعت TPN وجميع الانظمة المتعلقة بمنع الانتشار النووي وملتزمة بعدم إنتاج الأسلحة النووية.

إذاً، حتى لو أخذنا بهذه الفكرة لا يمكن أن نطلب من إيران فوق ما تطلبه وكالة الطاقة النووية، وفي الوقت نفسه هذا المشروع يطرح على حساب مشروع عربي وإسلامي مشرف وهو مشروع شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل.

المناورات الإيرانية وتطوير الأسلحة التقليدية

لاشك أن الشارع العربي والشارع الإسلامي والحكومات العربية والإسلامية يسرها تقدم البلدان الإسلامية الأخرى، لقد تلقيت شخصياً الكثير من التهاني من قبل الاخوة والاشقاء العرب والكثير من سفراء الدول العربية بعد التجارب الإيرانية الاخيرة الناجحة في مياهها الإقليمية. وقال لي أحد الزملاء في السلك الدبلوماسي «إنه من المستحيل أن تستخدم إيران قوتها العسكرية ضد اشقائها من دول الجوار وضد المسلمين»، وأعتقد أنه لا نحتاج إلى جهد كبير حتى نثبت أن الغالبية في الدول العربية والإسلامية يفكرون بهذا المنطق، لكن مع هذا وللأسف سمعنا أحد المتحدثين خلال ندوة اقيمت في البحرين هذا الأسبوع يقول: «كنت اتمنى أن تكون الرسائل الإيرانية شعراً شيرازياً وزهوراً جميلة لكن الإيرانيين اختاروا ان يرسلوا صواريخ»، أن القائلين ان إيران تتحدث مع جيرانها بلغة الصواريخ لماذا لا يرون التهديدات الأميركية المتزايدة و الشبه يومية ضد إيران والموازنات الهائلة التي تخصصها الإدارة الأميركية لزعزعة الحكم في إيران، هل وصل بنا الأمر إلى حد القول إن اجراء المناورات في منطقتنا مسموح لجميع بلدان العالم ما عدا إيران، وهل تتوقعون من إيران أن تستقبل السفن البحرية والاساطيل الأميركية التي جاءت للهيمنة وزعزعة أمنها بالورود والشعر. الا يرى هذا البعض الذين لديهم رؤية تشاؤمية وسلبية تجاه العلاقات الإيرانية العربية، الا يرون أن عدد الحضور لمحاضراتهم لا يتجاوز اصابع اليد ومن بينهم من لا يوافقهم الرأي حتى، في حين تكتظ صالة المحاضرات بالحضور عندما يحاضر شخص مثل الرئيس خاتمي الذي دائما يتحدث عن المحاور المشتركة بين إيران والعرب.

وفي الختام، ندعو مخلصين إلى العمل على تعزيز علاقات الصداقة والاخوة والتركيز على المشتركات ونقاط التلاقي والتعاون من أجل بناء مستقبل زاهر لبلداننا ولأجيالنا القادمة بدل التركيز على التراكمات والسلبيات والاصرار على النبش في الماضي الذي عفا عليه الزمن

العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً