لم تكن تصريحات مبارك الأخيرة بشأن الواقع الانتمائي للشيعة ومفهوم الوطنية لديهم هي (الفجيعة) التي ما سبقتها فجيعة بالنسبة الى الشيعة أنفسهم وبالنسبة الى الملايين من الإخوان السنة. إذ كانت مثل هذه المواقف في السابق كثيرة، بل تستعصي على العد ربما، لكنها كانت سرية ومبطنة، وربما كان مبارك من أكثر المعتنقين لفكرة التشكيك في ولاء وانتماء الشيعة لأوطانهم، غير أن في هذا الأمر تبرز حقيقتان واضحتان؛ أولاهما: بروز الصوت الدفاعي من الشيعة عن الدفاع عن انتمائهم لأوطانهم وولائهم لها، وثانيتهما: بروز الصوت المتشفي والحقيقي لمبارك ومعه طبعاً مسار كبير في الوطن العربي مثله النائب جاسم السعيدي، فبين مبارك والسعيدي اتفاق تام في الفكرة، حتى وإن كانت خطأ أو لنقل (حتى لو كانت محدودة الصحة ولا تعدو كونها صورة من الصور الكثيرة لممارسات بعض المواطنين في كل دول الخليج والعالم العربي).
المهم، أن مبارك قال قولة من مقولاته الشهيرة، وهي لا تتجاوز حدود الكثير من المقولات التي أطلقها في شرق العالم العربي وغربه، والأهم أيضاً، أن السعيدي انتهز الفرصة ليقنع الناس، كل الناس وأولهم الشيعة هذه المرة، أنه ليس (طائفياً) كما كان يقول ويؤكد ويكرر ويصرح، حتى جاء تصريحه وكأنه شاشة تلفاز (أسود وأبيض)!
وعلى رغم ما قاله مبارك والسعيدي وأمثالهما، فإن حكومات دول الخليج، لم تترك، منذ حقبة الثمانينات، هذا الموضوع يسري على (عواهنه)، فهناك دلائل عدة تؤكد وطنية وولاء الشيعة لأوطانهم وقد تحدث عنها الكثير من المراجع الكرام ومنهم السيد محمد حسين فضل الله، لكن يتوجب على الشيعة في كل الدول العربية، ولا سيما في دول الخليج، في جزء خطير ومهم، الالتفات الى ممارسات البعض (نقول البعض) الموالية ولاءً كلياً لإيران وغيرها، ثم الانتباه أيضاً الى ترسيخ مفهوم المواطنة الذي بصراحة ليس موجوداً في عقول البعض!
فاتفاق مبارك والسعيدي على أن ولاء العرب الشيعة لإيران هو ولاء مرجعي وليس سياسياً هو أمر صحيح، ولا يجب أن تأخذنا هنا الحمية والحنق بعيداً عن الواقع.
ثم بودنا أن نسأل مبارك سؤالاً: «يموت المصريون حباً في السعودية، ويحلمون بالسفر اليها والاتصال بمشايخها في البرامج الفضائية، فهل يعني هذا أن ولاء المصريين للسعودية؟!»
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1313 - الإثنين 10 أبريل 2006م الموافق 11 ربيع الاول 1427هـ