الديمقراطية بوصفها «طابعاً تجميلياً»، أو كلمة يتزين بها كل مثقف ومحترف للسياسة يخرج بمقال ما، يفترض بعليائه أنه «الحل الأخير». حسناً، هل يكفي هذا الهراء؟!
الفرنسي «بيير بورديو» حين يقول إن وظيفة المثقف هي «مقاومة الهراء»، فإنه بالتأكيد كان يعني شيئاً ما يمثله اليسار في البحرين.
من الصعب أن ينتقل أولئك المبشرون من «الثورة» و«التغيير الثوري» إلى «التجديد»، و«التعديل»، و«التطوير»، أو إلى «الديمقراطية» بوصفها «لا هراء».
إن بين شرعية «الأحلام»، التي بدأت مع ثورة أيار 1968، والبقاء في حدود الأسطورة وتحليلاتها الخرفة منطقة من الفراغ، هذا الفراغ تعبث في أرجائه مقررات «الشيوعية» الابتدائية الحمراء، وهمجية «جيفارا» بوصفه مثالاً للعنف المبرر تارة أخرى.
ليس ثمة انتقال سلس في المجتمع، بل ثمة فوضى، يقودها المسنون الذين دائما ما يتعكر مزاجهم من صعود الشباب للمهمات العليا من دون لغة العنف والدم التي استأنسوها. هذا تحديداً ما استطيع اعتباره «الهراء» في «التجديد»، أو «الهراء» في «الديمقراطية». في زمن يرهن اليسار فيه كلمة «الرفيق» بتاريخ مريض يستحق التوقف، ثمة تركيب هنا، هراء من درجتين، هراء المفردة «رفيق» من جهة، وهراء «المنظومة» من جهة أخرى.
إن نشوء يسار «جديد» وديمقراطي محكوم بظروف جديدة، وهذه الظروف الجديدة لا تحتمل هذه السلسلة من «الخرف السياسي»، سيحاول كل يساري أن يبحث عن تخريجة لهذه المعضلة، إلا أنهم لن يتنبهوا لحقيقة أهم من إيجاد هذه التخريجة، وهي أن أدواتهم في البحث «منتهية الصلاحية»، فلن تسعفهم الكتب الحمراء في العبور، وسيبقى الشاطئ مجرد حلم، فالماء بعيد، ومبضع الفحص ليس على اعتاب موسكو أو روما.
يصف «سلامة كيلة» هذا الشكل من اليسار بأنه «الشكل الرث للاشتراكية الديمقراطية في الأمم المتخلّفة»، إذاً هو ليس فقط «هراء» بل هو هراء «رث»، وعليه، لم تكن الولايات المتحدة مجرمة حين تبنت ذات يوم مضى خيار «مكافحة الشيوعية»، حتى عادت الشيوعية اليوم جهازاً معرفياً مكتملاً مطوراً. لا يتصف في أي من صوره بالإعاقة الذهنية، كما هو بعض اليسار هنا
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1313 - الإثنين 10 أبريل 2006م الموافق 11 ربيع الاول 1427هـ