ربما سيصبح مصطلح (العدالة الأميركية) أحد المصطلحات التي يمكن أن تستخدم في وصف التصادم بين الشعار والممارسة على مستوى حقوق الإنسان! فما أعلنه القاضي الأميركي انتوني سكاليا من عدم وجود حقوق دستورية للمعتقلين في غوانتنامو أثار انتقادات واسعة لا سيما بين القانونيين الأميركيين.
ولعل تصريح رئيس فريق المحامين المدافعين عن المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو، جوشوا كوانغلو براين بشأن رفض المحكمة الأميركية الاستماع لشكاوى المحتجزين في معسكر غوانتنامو في كوبا، وذلك بناء على القانون الجديد المعدل الذي يمنع احضار المتهمين شخصيا الى المحكمة لكي يستمع اليهم القاضي، يكشف صورة قوية الاهتزاز لإجراءات التقاضي في ذلك المعسكر، بل ان قانونيين وناشطين اميركيين في مجال حقوق الإنسان انتقدوا القاضي سكاليا ودعوه الى التنحي بسبب «اعدامه» حق الطعن.
هذه الخطوة المضادة لفكرة الحقوق الجنائية العالمية والمخالفة قطعاً للعهدين الدوليين، تضع القضاء الأميركي أمام عاصفة قوية من التشكيك في النزاهة وهو العنصر الأساس لأية محكمة أو محاكمة...
كيف؟ في مدينة يالطة، وهي مدينة جبلية ساحلية يصل ارتفاع جبالها الخضراء باشجار الصنوبر إلى 1400م، وهي تطل على البحر الأسود وتقع في جنوب شبه جزيرة القرم، وعدت القوى العظمى العالمية، وكان ذلك في العام 1945، بتأمين الحريات المقررة كحرية النفس والأمان والمال والسكن والوجدان وحرية الاجتماعات علاوة على الحريات المبرمة بينها في حقوق الإنسان، وعممت هيئة الأمم المتحدة كل تلك الحقوق تحت مسميات متعددة منها (ماكنا كارتا العام 1225) و(هابيس كوربوس العام 1679) في مؤتمر المي عقد في السادس والعشرين من شهر فبراير/ شباط من العام ذاته.
الفكرة الأساسية التي اجتمعت عليها تلك الدول هي أن العالم أصبح ينظر بأهمية بالغة لفكرة الحقوق الجنائية العالمية، واستمرت الجهود الداعمة لهذه الفكرة، ومنها جهود الأميركيين، في مؤتمرات حقوق الإنسان في فيينا العام 1993 وتأسيس المحكمة الجنائية في يونيو/ حزيران العام 1998. انتهاء عن الفضيحة التي أتى بها القاضي الأميركي انطوني سكاليا، ليضع عدالة الأميركيين في معسكر غوانتنامو، في مكانها الصحيح المنافي لكل العهود الدولية
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1303 - الجمعة 31 مارس 2006م الموافق 01 ربيع الاول 1427هـ