العدد 1301 - الأربعاء 29 مارس 2006م الموافق 28 صفر 1427هـ

«أحكام الأسرة» بين الإملاءات والتطمينات

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الحلقة النقاشية التي نظمتها السفارة الأميركية للصحافة المحلية على هامش مؤتمر «نجاح المرأة في صنع القرار»، أعلنت ممثل وزارة الخارجية الأميركية أيرين والش عن مشروع جديد تشرف عليه مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (IPEM) لدراسة موضوع «قانون أحكام الأسرة» في كل من البحرين، الكويت وعمان.

والش نفت أن تكون مثل هذه البرامج التي تعدها أميركا للشرق الأوسط تدخلاً في شئونها الداخلية! وأشارت إلى أن الموضوعات التي تطرحها المبادرة تتمحور في أربع نقاط: الديمقراطية، الاقتصاد، التعليم، والمرأة؛ وتستهدف المبادرة المؤسسات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، وأن لا سلطة للحكومة الأميركية في الضغط على حكومات المنطقة في موضوعات كقانون أحكام الأسرة مثلاً.

فإذا كان هذا هو الهدف المعلن، والمؤسسات الأهلية هي المستهدفة، فلماذا تمنع الصحافة من دخول المؤتمر؟ ولماذا تحول جلساته إلى جلسات مغلقة؟ وأي «تمكين للمرأة» يمكن أن ينجح إذا اعتمد أسلوب «العمل السري»؟!

ثم... لتسمح لنا السيدة أو الآنسة والش، فنحن من النوع الشكاك للأسف الشديد، وتزيد شكوكنا عندما تكون المبادرات قادمة من واشنطن، التي تحمل في جعبتها أشكالا وأنواعا مختلفة من الديمقراطية، تفصّلها بحسب احتياجات كل بلد. فالديمقراطية في العراق غيرها في مصر، والديمقراطية في الأردن غيرها في قطاع غزة!

والش، التي ربما تزور الخليج لأول أو ثاني أو خامس مرة، تريد أن تقنعنا أن تفصيل «زي ديمقراطي» لكل بلد، وتفصيل «قانون أسرة»، أو «اتفاق تجارة حرة»، ليس تدخلا في شئونه الداخلية، فكيف يكون التدخل؟

عقدة الأميركيين في هذا الزمان، أنهم يتصورون أنفسهم الجنس الأعلى، «المنقذون»، «حملة لواء التحرير والخلاص» للشعوب البدائية المتخلفة، فمشروعاتهم ليست رغبات وإنما «إملاءات مقدسة» و«نصوصا» توراتية منزلة من السماء.

إن فكرة القانون تقوم أساساً على حماية الفئات الضعيفة، والانتصاف للمظلوم من الظالم، وإرجاع الحقوق لأصحابها، ولذلك ليس هناك من يرفضها، ولكن يكفي أن يتصدى لها الأميركيون بهذه الحماسة لتعارضها شعوب المنطقة بحماسة أشد. ولا أدري كم من السنوات سيحتاج الأميركيون ليستوعبوا هذه الحقيقة، كما استوعبوا خطأ دعمهم للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط بعد خمسين عاماً! وعليه، ألا يفسر ذلك الموقف المتشدد للتيار الإسلامي (الشيعي) من القانون؟ أوليس ذهابه بعيدا في طلب الضمانات انعكاسا لحال الشك من دس الأميركان لأنوفهم في شئوننا الداخلية حتى قضايا الزواج والنفقة والأسرة، بعد أن فرغوا تماما من عملية التدجين السياسي للأنظمة؟

من الأساس، لا نختلف في ضرورة وجود «قانون أحكام أسرية»، ولا ينبغي ترك الأحكام سائبة وخاضعة لأهواء القضاة، خصوصا مع وجود قضاة تدور حولهم شبهات كثيرة بشأن محاولات استغلال المنصب في ابتزاز النساء بطريقة أو بأخرى، والتساؤلات بشأن التأهيل المهني والعلمي أو الفقهي، كنتيجة طبيعية لاعتماد سياسة «الولاء» في الاختيار والتعيين.

لو كان «الأحكام الأسرية» شأنا داخليا بحتا فلربما أمكن التوافق عليه، أما والأميركان منغمسون في اللعبة، فإني في شك من ذلك... «من بغداد إلى جدة»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1301 - الأربعاء 29 مارس 2006م الموافق 28 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً