في الموضوعين الماضيين... اللذين كتبتهما في اليومين الأخيرين الثلثاء والأربعاء... تكلمت عن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية في غزوها للبلاد الإسلامية... وهي بلاد منبع الإسلام... والهدف التعبوي الذي يساعد للاستيلاء على الهدف الاستراتيجي... وهو العراق... واستثمار الفوز لضمان السيطرة التامة على الهدف الاستراتيجي... وهي جمهورية مصر العربية... بعد كتابتي لهذين الموضوعين... وشرحي وتحليلي لجميع الأمور في الخطة الأميركية والتي أراها من وجهة نظري العسكرية... وصلتني الكثير من الاستفسارات بشأن استثمار الفوز، وما الذي أعنيه، وما هي علاقة مصر في موضوع الهجوم الأميركي على ديننا الإسلامي... وكيفية استثمار الفوز فيها...
كما وصلتني رسالة من الأخ أبو عباس يقول فيها أنه يختلف معي فيما ذكرته عن قوة مصر التي دائماً ما تعتمد عليها البلاد العربية في دحر أية هجمات أجنبية عليها... ويقول إن العرب لا يعولون على مصر الآن لما أصابهم من إحباطات متتالية منها... والمواطن العربي أصبح لا ينظر إلى جمهورية مصر العربية على أنها القائد لهم... وأن الذي ذكرته في مقال الثلثاء أصبح من الماضي...
استثمار الفوز هو عمل ضروري يقوم به أي إنسان... في الحياة العسكرية، أو الحياة المدنية... لضمان استيلائه على هدفه الاستراتيجي فترة طويلة... وبدون استثمار الفوز فإنه وبكل سهولة سيخسر هدفه الاستراتيجي... ولكي أبسط الأمور فإني سأشرحها على حياتنا المدنية العادية... إذا رأى شاب... أو عرف من قريب أو بعيد... فتاة فيها جميع مواصفات الزوجة المثالية له فإن هذه الفتاة تكون هدفه الاستراتيجي الذي بوده الاستحواذ والاستيلاء عليه وبالحلال... ولكن الوصول لهذا الهدف (الفتاة) بشكل مباشر صعب جداً... ممكن ولكنه صعب... والمجازفة غير محمودة الجانب، خصوصاً وأن الفتاة مهذبة وعلى خلق كريم وبنت ناس... إذن عليه أن يستولي أولاً على هدف تعبوي (يسهل الوصول اليه) لكي يسهل مهمته للوصول والاستيلاء على هدفه الاستراتيجي...
الهدف التعبوي في هذه الحالة هو ولي أمر الفتاة... والدها، أخوها الكبير... فيطلب مقابلته ويذهب إليه، ثم يشرح له عن نفسه وخلقه ووظيفته وسكنه وإمكاناته لفتح بيت للزوجية... وإذا اقتنع ولي الأمر به كزوج مثالي لابنته... أو أخته أو قريبته... فهذا يعني أنه سيطر على الهدف التعبوي الذي سيسهل مهمته... وبعدها سيصل هذا الأب جميع المعلومات التي حصل عليها من الشاب إلى إبنته ويقنعها... تقتنع الفتاة ويتم الزواج... وهذا يعني أنه سيطر على هدفه الاستراتيجي... الآن هذا لا يعني نهاية الأمر... والباقي هو استثمار الفوز الذي بدونه لا تستقيم الحياة الزوجية... لأن الشاب بعد الزواج لابد وأن يستولي على قلب الزوجة وعقلها، وذلك بالحياة الزوجية الكريمة في السكن المناسب، واحترامها واحترام أهلها، وحسن المعاشرة والمعاملة، وإنجاب الأطفال، و حسن الإنفاق على المنزل وعلى العائلة، والبعد عن المشاجرة والشتيمة والضرب... وهذا هو استثمار الفوز الذي هو ضروري لدوام استيلائه على هدفه الاستراتيجي، وإلا فإنه سيخسره ومن بعده سيخسر الهدف التعبوي... هذا هو شرح مفصل... ومن الحياة المدنية العادية... عن نوعية الأهداف وأهميتها، واستثمار الفوز وأهميته لضمان البقاء على السيطرة... وفي الخطط العسكرية لا يختلف الحال كثيراً لأن معظمها... إن لم يكن كلها... مستقاة من الحياة التي وهبها الله لنا... ومن الدروس والعبر فيها...
الأخ أبو عباس يقول أنه يختلف معي... وأن الذي كتبته عن مصر أصبح من الماضي... أخي بو عباس... إن مصر كدولة قوية وبها قوة بشرية لا يستهان بها، كانت هي بداية الفتوحات الإسلامية... ومن بعدها، وبواسطتها إبتدأت الفتوحات الإسلامية وانتشر الإسلام... انتبه لها صلاح الدين الأيوبي، وبواسطتها طرد الجيوش الصليبة من الأراضي العربية... كما وأن بداية القضاء على جيوش المغول المغتصبة للأراضي العربية كان من مصر... ومن يريد أن يحرر أي جزء... ومن أي بلد عربي... فلابد وأن يكون من خلال مصر... وإلا فإن المعركة خسرانة... هذه هي الحقيقة التي تعرفها الولايات المتحدة الأميركية... وأي غاز لديار الإسلام بدون أن يستثمر فوزه بالإستيلاء على مصر... عسكرياً أو فكرياً... هو بالأكيد خسران ومدحور ومهزوم لا محالة..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1294 - الأربعاء 22 مارس 2006م الموافق 21 صفر 1427هـ