في بلادنا العربية تبقى العلاقة بين الحكومة والشعب متوترة دائماً. تبقى كذلك إلى أبد الدهر... مهما حاولت الحكومات إعطاء الرموز من حرية وديمقراطية وحكم ذاتي من أهمية أو إعلان بأن للشعب الحق في أن يختار ممثليه... أو أن تقوم بالإغداق على الفئات المسحوقة أحياناً إما بالأموال الموسمية المؤقتة والتي لا تسمن من جوع ولا تسد رمقاً... أو باتخامهم بالعطلات المدفوعة الأجر لتهدئتهم ولإرغامهم على التخمة النومية علها ترتاح بعض الوقت من مشكلاتهم المتكررة... واعتبار هذه المنح منة أو صدقة.
تبقى المعادلة الصعبة دائماً وهي حكم القوي على الضعيف، مهما أعطت فلن تعطي بما فيه الكفاية من منطلق الحاكم هو القوي... والشعب هو الضعيف. فالشعب لا يرضى بأن يرى قلة تحكمه وتتمتع بالخير الوفير وتعيش البذخ، ويعاني هو الأمرين من شظف العيش المر وأنه الأضعف دائماً في الحصول على أبسط حقوقه الدنيوية. فالشعوب تحارب وتقاوم، والحكومات تحكم وتتجبر... ويزداد جبروتها حينما تشعر ذلك الشعب بأنها تعطيه ما يريد وهي في الحقيقة تراوغه وتساومه على أمواله وتعطي بمزاجها لمن تريد... وتحضر مجموعة (وتختارها بكل عناية وحذر) لتمثل الشعب وعلى رغم أن هؤلاء قد يكونون من عامة الشعب فإنه بمجرد التلويح بالمنصب والسلطة والثراء يهتز كيان ذلك الإنسان ويفقد توازنه ويتحول وبقدرة قادر وبين يوم وليلة من صفوف الشعب إلى صف الحكومة وينسى نشأته وعذاباته ويتحول إلى إنسان بشري ذي أنياب حادة وجاهزة لتفتيت أولئك المطالبين بحقوقهم الشرعية فينسى الكفاح ويبدأ بتلميع قوانين الحكومة الجامدة، وقد تستصدر القوانين الأساسية لحماية الشعب وتشكل اللجان والجمعيات المدنية ويشعرون الشعب بأنهم يعطونه ما يريده لكنهم حقيقة يعطونه المظاهر البراقة فقط وتتراقص معها الشروط والعوائق ووضع الأشخاص الموالين... واستخدام جميع الطرق لتكبيل كل المستحقات والأنظمة لصالح الحكومة!
وحتى الفنون والثقافة قد تلبس بثياب وإن بدت في ظاهرها فنوناً وثقافة لكنها في الواقع ما هي إلا فتات ترمى لايهام الشعوب بها. ومرئيات قد تثير غرائز الأغنياء من بذخ واسراف، ومن دون الشعور بمعاناة تلك الشعوب البائسة والالتفات إلى بؤسها ومعاناتها للأخذ بيدها وإخراجها من جحيم الحياة والمعاناة اليومية في ضنك العيش وشظفه!
هل هي المعادلة المقلوبة وحكم القلة القوية... أم هي المعادلة الصحيحة لشعوب طال عليها أمد الظلم وأصبحت تقاد إلى المذبح بيديها حينما تهزأ الحكومات بشعوبها وحينما يبقى جنودها المتسلقون للمناصب والثراء ينسون أصولهم وجذورهم في الكفاح.
حينما لا تتحد الشعوب لمقاومة الظلم... ويبقى ساستها وزعماؤها ضعافاً وخائفين من المواجهة ويطلقون فقط الشعارات الملفقة اللماعة! يبقى الظلم على حاله ويتكرس الفقر وتزداد المعاناة والقهر وتزداد الحرائق وتتصاعد الأدخنة في زمن تخمة الأغنياء! فهذا هو الزمان الصعب
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1294 - الأربعاء 22 مارس 2006م الموافق 21 صفر 1427هـ