العدد 1293 - الثلثاء 21 مارس 2006م الموافق 20 صفر 1427هـ

جرجرة «الداخلية»... بعد جرجرة الصناديق!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انتهى كلام الهزل، وبدأ الكلام الجاد. فعندما يتولى شخصٌ واحدٌ متضخم الذات التحكم في مجموعة كبيرة من شخصيات وأبناء ومؤسسات المجتمع وجرجرتهم يميناً وشمالاً، فلابد أن يكون هناك خلل كبير في البلد.

قبل عام تقريباً، تمت «جرجرة» الاتحادات والأندية الرياضية إلى مستنقع التحشيد الطائفي. وربما تذكرون كيف كانت المؤسسة العامة للشباب والرياضة تستميت في إبعاد الشباب الرياضي عن السياسة، وتحارب الندوات السياسية التي تتناول الشأن الوطني وهموم المواطن. ولكن هذه المؤسسة نفسها أقحمت أسماء الأندية والاتحادات الوطنية بالقوة في إحدى الحوادث «السياسية»، حينما نشرت بيانا «سياسياً» لم تشاور فيه الأندية أصلاً، وإنما «فبركه» عدد من الموظفين.

الفضيحة الأخرى وقعت قبل شهرين، حين نجح شخصٌ واحدٌ لا يعرف قدره حتى الآن، في جرجرة عدد من الجمعيات الإسلامية والصناديق الخيرية لنشر بيان مدفوع الأجر، بعد أن أشبع هذه المؤسسات الاجتماعية وقياداتها، ذماً وتقريعاً ونزل فيها تسفيهاً، حتى اضطروا لنشر البيان مدفوع الأجر نزولاً عند رغبته وهواه، ودفعاً لشتائمه وتهجماته.

وأخيراً... نجح في جرجرة وزارة الداخلية حتى ورطها في مواجهات ساخنة مع عدد من الشباب الناقم على ما يجري. لسنا طبعاً مع التكسير والتخريب، ولا الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، ولا نبرّر أو ندافع عن أي عمل من هذا القبيل، سواء كان تكسير إشارة ضوئية أو سيارة للشرطة، لأنها من الممتلكات العامة لهذا الشعب الكريم، لكن أن يتولى هذا الشخص جرجرة وزارة إلى مستنقع المواجهات، ويحرّضها على تدمير كل ما بنته خلال عام ونصف العام، فهذا ما سيسجل في غير صالح الوزارة في الفترة الأخيرة.

لا ننسى أن الوزارة تجر وراءها ذيلاً طويلاً من التجاوزات والانتهاكات لحقوق الإنسان، حتى وصل الأمر في نهاية التسعينات، وقبيل الانفتاح بقليل، إلى انتهاك دور العبادة، ومقتل بعض المواطنين في المعتقلات، والوزير الجديد يدرك ثقل التبعة، ولذلك بذل جهوداً كبيرةً لتجاوز هذه التركة الثقيلة، بعد ثلاثين عاماً من الكراهية والعنف والقسوة. ولعل ما يسجل للوزير طرحه لمفهوم شرطة المجتمع، فهذا القسم من الأمن العام أصبح مقبولاً ومألوفاً بين الناس، حتى أخذت الفعاليات والأنشطة الشعبية تستعين بهم في المناسبات، بعد أن كان زي الشرطة الرسمي يثير الكراهية الشديدة في نفوس الكثيرين.

المطلوب البناء على ما تم إنجازه، لا أن تنصاع الوزارة إلى حملات التحريض المنهجي، وكتابات «الزيران»، الهادفة لاستعدائها ضد فئات من الناس، مهما كان موقفنا من أعمالهم. فمن الخطير أن يتم توجيه سياسةِ وزارةِ تعمل لكل الوطن، توجيهاً طائفياً استعدائياً، وترفع شعارات من قبيل: «الداخلية عزنا وفخرنا»، فالشعار الوطني لن يختلف عليه أحدٌ، إلاّ إذا تم رفعه في سياق ظرف مليء بالاحتقانات من أجل التحريض.

الانصياع وراء الأهواء الشخصية والفئوية لا يحمل لهذا الوطن إلا الويلات. والنزعات العدوانية لن تقف عند حد قبل أن تحترق أذيال الجميع، فبعد جرجرة الأندية والاتحادات، والصناديق والجمعيات، وتوريط الداخلية، جاء دور المساجد والخطباء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1293 - الثلثاء 21 مارس 2006م الموافق 20 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً