العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ

والله حالة... يا أميركا

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

الظاهر أن الولايات المتحدة الأميركية مو ناوية تجيبها البر... أميركا أوصلت المواقف المضطربة إلى درجة الانفجار... في الخليج العربي عموماً... وفي البحرين على وجه الخصوص... وأصبح المواطن البحريني ( قبل المسئول ) يعاني من التدخلات الأميركية في كل ما يتعلق بحياتنا اليومية... الاجتماعية والأمنية والسياسية والدينية... وهذا هو مربط الفرس بالنسبة لها...

تتدخل أميركا... وهي أقوى دولة في العالم... في البحرين بشكل سافر وتمارس ضغوطاً رهيبة على كبار المسئولين... مرة بأشكال مباشرة، ومرة بأشكال غير مباشرة... مرة عن طريق الموظفين الدبلوماسيين، ومرة عن طريق معهدها المشبوه والمسمى IDN... ونحن نرى كيف هو حال حكومتنا الرشيدة التي هي تحت ضغوط كبيرة...

يحضرني اليوم التحليل الذي كنت دائماً ما أذكره لمعارفي قبل أن تبدأ الجيوش الأميركية في الهجوم السافر على العراق الشقيق... قبل أكثر من ثلاث سنوات... فعندما ابتدأت الولايات المتحدة الأميركية بتصعيد مواقفها ضد العراق، واتهمتها ( باطلاً ) بامتلاك أسلحة نووية... ثم ابتدأت في تحشيد جيوشها وجيوش حلفائها لبدء غزو هذا البلد العربي العظيم... طرحت التجمعات المثقفة البحرينية الكثير من الآراء عن دوافع الغزو والاحتلال... كانت آراء متباينة ومختلفة... وكان لدي رأي مختلف...

كنا مجموعة مختلطة من كبار السن والشباب... ونجلس يومياً في قهوة صغيرة تقع على شارع المعارض... وكان رئيس الجلسة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سلمان بن دعيج بن حمد آل خليفة... نعتبر نفسنا دائماً ضيوفاً عنده... وهو كريم ابن كريم... وكنا دائماً ما نتجاذب أطراف الحديث في ذلك الوقت عن نية أميركا في اجتياح العراق... أهدافه، ودوافعه... سرعته، ومدى نجاحه...

الشيخ سلمان طيب الله ثراه... سألني يوماً... باعتباري عسكرياً سابقاً... عن الهدف الحقيقي من نية أميركا في غزو العراق... وفي ذاك اليوم كان مجلسنا في القهوة به صفوة كبيرة من الناس التي لديها أفكار متباينة... لذلك أعطيته جواب وتحليل منطقي مبني على مبدأين مهمين... مبدأ الحياة المدنية، ومبدأ القوانين العسكرية...

كانت فكرتي... ومازالت هي فكرتي ولم تتغير... تتلخص في أن الولايات المتحدة الأميركية وبعد أن استطاعت في القضاء على الشيوعية كايدلوجية... وحطمت، وفككت الاتحاد السوفياتي... ووزعته إلى دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة... التفتت إلى الإسلام بقصد تحطيمه... وهي تعتقد بأن الإسلام ايدلوجية ولا تعترف بأنه دين سماوي... وهي لا تعرف بأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز... انا نحن نزلنا الذكر، وانا له لحافظون (الحجر: 9)...

لذلك فإن الهدف الاستراتيجي من عملية الغزو هو السيطرة على منبع الإسلام في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتحطيمه، أو تحجيمه وتدويله مثل الفاتيكان... ثم السيطرة على الشعوب العربية في منطقة الخليج والتحكم في منابع النفط... وفي الوقت نفسه ضمان تحقيق الحلم الإسرائيلي بالدولة العبرية التي تمتد من النيل إلى الفرات... وهي تعتقد بأن هذا العمل سيضعف الفكر الإسلامي لدى الشعب العربي المناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي، والذي هو حليفها الاستراتيجي...

هذا الهدف الاستراتيجي الكبير سيلقي الكثير من المقاومة من قبل القوات الإسلامية والعربية في المنطقة... والجيوش الأميركية ليست لها قواعد لوجستية قريبة من الهدف الاستراتيجي ما يصعب هذه المهمة... لذلك تكون العملية أسهل إذا تمت السيطرة على هدف تعبوي (وسنأتي على ذكر خواصه)، ثم تنقل له جميع الإمكانات العسكرية... البشرية واللوجستية... لتستقر في الهدف التعبوي، وتبني نفسها حتى تتمكن من شن الهجوم الناجح للسيطرة على الهدف الاستراتيجي...

بعد أن تسيطر القوات الأميركية الغازية على الهدف الاستراتيجي، لابد لها من سرعة الاندفاع للسيطرة على هدف آخر يضمن لها البقاء مسيطرة على هدفها الاستراتيجي ولمدة طويلة جداً... وهذا يسمى استثمار الفوز...

الهدف التعبوي المثالي في هذه العملية الاستعمارية الأميركية للسيطرة على أماكن منبع الإسلام في الحجاز هو العراق... وذلك لتوافر جميع الشروط المطلوبة فيه... قريب وله حدود برية مع الهدف الاستراتيجي، به الكثير من المواد الإدارية (ماء ووقود)... سهولة إقناع أهالي المنطقة بأسباب السيطرة عليه...

استثمار الفوز بالطبع سيكون في السيطرة على جمورية مصر العربية... لأن الولايات المتحدة الأميركية... ومن قراءتها للتاريخ ومعرفتها بالوقائع... تعلم بأن قوة الإسلام وقوة العرب... تستمد دائماً من قوة مصر... ولنا تكملة في الحديث..

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً