مشروع النويدرات الإسكاني أشبه ما يمكن وصفه بمعمل كيماويات، أو حقل تجارب على العناصر البشرية، فهناك عدد لا بأس به من المصانع التي تبث سمومها وملوثاتها حول الأرض التي من المقرر أن تنشأ عليها نحو 550 وحدة وقسيمة سكنية، بيد أن مجلس بلدي الوسطى مازال مصراً خلال اجتماعه الأخير مع الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، على الإسراع في إنجاز المشروع، من دون الالتفات إلى مصير الأهالي الذين قد يتضررون في حال انتقالهم إلى المنطقة الجديدة، وخصوصاً أن غالبيتهم متضررة حالياً من المصانع الواقعة في منطقتي النويدرات والمعامير.
«وزارة الإسكان» ابتاعت الأرض وطلبت استشارة بيئية توضح المخاطر البيئية التي تحيق بالمنطقة، وعلى رغم أن التقرير انتهى إلى عدم صلاحية الموقع للسكن الآدمي لوجود عدد من المصانع القريبة منه، واحتمال نقل الرياح للملوثات الصناعية إلى الوحدات السكنية، فإن تلك الوزارة ماضية فيما هي بصدده، وربما يعود ذلك في تقديري لصعوبة إيجاد أرض في هذه الأيام قريبة من النويدرات والمعامير وبسعر مناسب، إلا أن جميع موازنات العالم تتفتت وتذرف في الهواء، مقابل سلامة العنصر البشري الذي أوجد المال ليكون وسيلة في معاملاته التجارية.
«بلدي الوسطى» دافع عن أكثر من قضية وفي أكثر من مناسبة، ونذكر منها وقوفه ضد عملية ردم خليج توبلي، ووقوفه ضد رمي المخلفات فيه من قبل المصانع الواقعة في منطقة العكر، واعتراضه على وجود الباعة الجائلين من الأجانب الذين ينافسون المواطنين في أرزاقهم، ودعوته البلدية إلى إزالة الأنقاض ومخلفات البناء المتراكمة هنا وهناك في مناطق المحافظة الوسطى، ولكنه اليوم يدفع بالناس إلى حافة الهاوية، بدلاً من أن ينقلهم إلى منطقة أكثر أماناً فينقذ طائفة منهم تتعرض قصباتهم الهوائية لأدخنة المصانع المتصاعدة المليئة بالملوثات، وتكسو جلودهم بثور ما عرف لها العلم من سبيل.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1291 - الأحد 19 مارس 2006م الموافق 18 صفر 1427هـ