«إن من يظن أن صناعة السلام في العالم تتم بلا ثمن فهو واهم». مفردة مهمة التقطتها من كتاب «كيف تصرفت أميركا على نحو سليم؟» (How America got it right) للكاتب والعسكري الأميركي أثدهر rednaxelA.
منذ الاستقلال الأميركي العام 1776 حتى الدخول الأميركي في الشأن الدولي في الحروب العالمية منطقة من التحليل السياسي الذي نختلف حوله أكثر مما قد نتفق... اليساريون المتطرفون لهم «مفرداتهم» التاريخية، فالأمر لا يزيد عن التعملق الإمبريالي، أما الإسلاميون فالتاريخ والمستقبل قضية محسومة!
إن الواقع الإسلامي والعربي المزري هو ما يفتح شهية الأميركيين للتدخل في المنطقة، خصوصاً ان الكاتب يحدثنا عن «أن إجمالي انتاج وتصدير 280 مليون عربي اليوم لا يساوي انتاج 5 ملايين نسمة هم سكان دولة فنلندا»! الذي لم يقله ذلك الأميركي هو «أن ضعفك تقابله قوة لا يمكنك أن تصفها بالإمبريالية»! وأنه لولا «النفط» و«إسرائيل» لكان العرب خارج التاريخ.
داخل هذه الصورة المركبة، أجد أنه من الضروري ألا يكون تأسيس خطابنا الحديث متقوقعاً داخل منظومة اليسار الحالمة، أو داخل منظومة «الدين» الفزعة، وما بين «الأحلام» اليسارية و«الفزع» الديني منطقة من «البياض» المغري. وهذه المنطقة البيضاء هي منطقة الاستقرار المفقود في التعامل مع الأميركيين.
طالما بقيت القوى اليسارية أسيرة «التاريخ» العدائي، وطالما بقى الإسلاميون أسرى الخوف والفزع، فإن منطقة الحوار والتثاقف والتسايس تبقى بالضرورة داكنة. وهذا ما يحتاجه ويستفيد منه بعض «آخر»، تبقى خطوط التماس بينه وبين أميركا «ثنائية» صرفة.
«الحكومات»: ان هاتين الحماقتين لدى قوى اليسار السياسي والقوى الإسلامية هي أفضل نعم الله عليها. نعم بالنسبة إلى كتاب موضوع المقال، أميركا كانت ومازالت «تتصرف وتفكر بشكل صحيح»، ما بقيت تتحاور وتفكر المكان من رؤية واحدة. لذلك، ليست من تتحمل هذه الترسانة من العذابات في المنطقة.
لا تخطئ الولايات المتحدة حين تحتل وتحاصر بدبلوماسيتها الدولية عواصم معينة، وهي لا تخطئ البتة حين تمتدح ديمقراطيات «شكلية»، وهي لا ترتكب أي جرم حين تجانب الصواب في تصريحات خارجيتها السياسية.
الذين يتحملون الخطأ هم أولئك الذين يخافون من المناطق البيضاء، أولئك الأسرى لأوهامهم الحمراء، أو لميتافيزيقياتهم المعمرة، هؤلاء هم من أخطأوا، وهم من تسبب في هذه الظلمة هنا وهناك. هل تدرك «المعارضة» - أي معارضة - أن للسلام، ولتحقيق مطالبها، ولنجاحها في إدارة ملفاتها العالقة «ثمناً» لابد أن تدفعه مع تاريخها المريض
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1286 - الثلثاء 14 مارس 2006م الموافق 13 صفر 1427هـ