لم يعد يفصلنا سوى أقل من شهرين على بدء الموعد (الافتراضي) للانتخابات البلدية، كما أن شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل مازال يشكل المحطة (المرتقبة) لمن عقدوا النية أو سيعقدونها على المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بينما إلى الآن لم تبد الحكومة أية إشارات واضحة تبين عزمها على إقامة الانتخابات في وقتها المحدد.
تدور أحاديث كثيرة عن أن الحكومة تنوي تأجيل الانتخابات بشقيها لأسباب عدة، وإذا صدقت تلك التخمينات فمن المتوقع الافصاح عن بعض هذه الأسباب ومحاولة التبرؤ من أسباب خفية أخرى - وبحسب مراقبين - لو حصل التأجيل فعلاً فإن أهم الدواعي التي ربما سيكشف عنها هي أوضاع المنطقة التي يتخوف من أن تفرض وقعها على الحركة الانتخابية وخصوصاً مع تأزم الوضع العراقي ومعوقات تشكيل الحكومة من جانب وإيصال الملف الإيراني النووي إلى مجلس الأمن من جانب آخر، ما سيستدعي الحكومة - بحسب مراقبين - إلى البوح عن خشيتها من تأثير ذلك على الحراك الانتخابي وتجييره «طائفياً»، وبالتالي ضرورة التفكير في تأجيل الانتخابات الى أجل مسمى أو غير مسمى.
أما إحدى الدواعي الأخرى التي يستنتجها كثيرون من متابعي الملف الانتخابي (ولن يفصح عنها) هي الخشية من دخول التيارات المعارضة بقوتها المؤثرة على الخط الانتخابي ما سيجعلها تستحوذ على نسبة كبيرة من المقاعد البلدية والبرلمانية وطبيعي أن ذلك سيؤدي إلى تصاعد وتيرة الضغط على الحكومة التي لم تسلم من غضب النواب الحاليين، فكيف بالأمر لو كانوا نواب معارضة؟
المبرر الأول لو صح التفكير فيه جدياً، وهذا ما لا نتمناه، فإنه بعكس التوقعات سيضاعف من حدة المطالبة بالإسراع في تعجيل الانتخابات، باعتباره مبرراً غير مستساغ في ظل وجود ملفات متراكمة ومتأزمة، فضلاً عن أن الحكومة باستطاعتها أن تهيئ مناخاً هادئاً بعيداً عن أية تشنجات لو لزمت الإنصاف والعدل في تعاملها مع جميع الأطراف، واستجابت بمرونة لبعض المطالب الملحة التي على رأسها فتح باب الحوار مع المعارضة. وهذه الخطوة ربما ستحتوي أيضاً مبرر التأجيل الآخر (المحتمل) وهو الخشية من هيمنة المعارضة. وبالتالي فإن التفكير في تأجيل الانتخابات بذريعة كلتا الحجتين سيزيد الأمور تعقيداً، في وقت أحوج ما يكون فيه الشعب والحكومة إلى مزيد من الاستقرار الأمني والاقتصادي.
إذا، لابد من سعي (ملموس) لرفع الغبن عن آلاف المحرومين في هذا البلد، فالتشنج الذي أصبح يعتري النواب أحيانا ضد الحكومة ليس نابعاً من فراغ، لأن 4 أعوام من الاقتراحات العقيمة كفيلة بأن تحوال حتى النائب «المهادن» إلى نائب «معارض». فلماذا «تزعل» الحكومة وبعض الصحافيين (برتبة وزير) حين ينتقد الأداء الحكومي؟!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ