اعتاد سوق السفر والسياحة ان يشهد تطورات مختلفة بين الحين والآخر نتيجة للمنافسة المحمومة في السوق والتي تؤدي لزيادة نسبة الحسومات على تذاكر السفر أو تأجير مكاتب السفر من الباطن. ولكن من المتوقع ان تشهد السوق تطورات أخرى مثيرة خلال السنوات العشر المقبلة بعد توجه شركات الطيران للتعامل بشكل مباشر مع الركاب من خلال شبكة الاتصالات الالكترونية لتلبية الاحتياجات والخدمات الخاصة بهؤلاء الركاب ما يعني تقلص حجم الخدمات التي تقدمها مكاتب السفر وبالتالي خفض نسبة عمولتها كما هو الحال في الوقت الراهن في أوروبا وأميركا. ولكن كيف ستتعامل مكاتب السفر والسياحة المحلية مع الواقع الجديد الناجم عن اتجاهات العولمة والانفتاح في المستقبل، وما هي حدود تأثيرات ذلك الواقع عليها؟
ان تحرير الاسواق الدولية من اية قيود وانفتاحها على بعضها بعضاً تدريجيا وصولا إلى العولمة الاقتصادية سيجعل مكاتب السفر والسياحة أمام تحد جديد بغية التكيف مع الاوضاع الجديدة والمنافسة في السوق على مستوى ونوعية الخدمات المقدمة للمسافرين. واذا كانت الكثير من ادارات الطيران المدني بدول مجلس التعاون الخليجي تأخذ بسياسة الاجواء المفتوحة لافساح المجال امام الشركات الاجنبية للدخول الى الأسواق الخليجية وهو امر تتطلبه سياسة تحرير وفتح الأسواق التي تنادي بها منظمة التجارة العالمية الا ان الجانب السلبي في هذا الصدد يكمن في قيام تلك الشركات باستقطاب المسافرين - في نقطة توقفها - في مواسم الذروة فقط من خلال طرحها لاسعار تنافسية جدا تقل بنسبة 60 في المئة عن أسعار شركات الطيران المماثلة والتي تتضرر كثيرا نتيجة لمثل هذه الممارسات.
ان التحديات المستقبلية في سوق السفر والطيران تبدو صعبة وكبيرة كما أن المنافسة ستكبر مع دخول منافسين آخرين الى السوق الامر الذي جعل البعض ينادي بضرورة تعاون شركات الطيران الخليجية على الأقل في مجال التموين وصيانة الطائرات وبعض الخدمات الأخرى، بينما يؤكد البعض الآخر ان استقلالية شركات الطيران الخليجية وعدم دمجها في شركة طيران واحدة هو توجه ايجابي يقدم الكثير من الخيارات امام المسافر الخليجي بل وحتى الأجنبي في اطار المنافسة الشريفة والجادة على تقديم افضل الخدمات لذلك المسافر، ولكن ايا كانت الآراء أو وجهات النظر في هذا الصدد فان التوجه نحو خصخصة المشروعات الحكومية في دول التعاون وتقليص الدعم الحكومي سيجعل شركات الطيران الخليجية تأخذ في الاعتبار البعد التجاري في استراتيجية عملها ما سيتيح المجال لمنافسة أكبر في الأسواق الخليجية.
على ان البعض يرى ان سوق السفر والسياحة لن تتأثر بانفتاح السوق ومتطلبات العولمة بقدر ما ستتأثر بالتكنولوجيا المتقدمة التي ستقدمها شركات الطيران مباشرة الى المسافرين، اذ اتجهت تلك الشركات فعلا في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي مباشرة الى الركاب لتقديم مختلف خدمات السفر اليهم ما ادى إلى تقلص حجم اعمال مكاتب السفر هناك وبالتالي خفض نسبة عمولتها التي تحصل عليها من قبل شركات الطيران. على ان ادخال التكنولوجيا المتقدمة في مجال تقديم خدمات السفر ليس ببعيد ايضا عن السوق المحلية وخصوصاً ان استخدام اجهزة الانترنت منتشر بدرجة كبيرة، ولذلك من المؤمل ان تشهد السنوات العشر المقبلة قيام شركات الطيران بوضع اجهزة حجوزات سفر آلية تمكنها من الاستغناء عن الكثير من خدمات مكاتب السفر في هذا المجال. اضافة إلى ذلك يمكن لتلك المكاتب تقديم خدمات استشارية للمؤسسات الصناعية أو التجارية الكبيرة لمتابعة شئون سفر موظفيها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1279 - الثلثاء 07 مارس 2006م الموافق 06 صفر 1427هـ