العدد 1279 - الثلثاء 07 مارس 2006م الموافق 06 صفر 1427هـ

وجهة نظر

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

الكثير من الرواد والقادة يواجهون المعارضة من فترة إلى أخرى، والمعارضة التي نعنيها هي تلك التي تسود أجواء العمل، من الموافقة على مشروع ما إلى أخذ الآراء عن مدى نجاح المشروع بعد إنجازه، وغيرها من الأمور المتعلقة بنشاط المؤسسة أو المنظمة. وهذا النقاش يمكن أن يتحول إلى جدل، والجدل يمكن أن يصبح عراكاً وشجاراً، يقذف فيه كلا الجانبين الأقوال غير المنطقية، الكثيرة الحساسية.

فكيف إذن نقوم بتعديل الوضع ومنع هذه الأمور من السيطرة على مشاعرنا وتصرفاتنا؟

بصراحة، ليست لدي وصفة ولا لدى من استشرتهم وصفات سبق طبخها لمساعدتك عند الخصام مع زملاء العمل. لكن إليك بعض الأمور التي يمكنها، أو لا يمكنها، بالتقليل من تهافت المشاعر و المبالغة عند اختلاف الرأي.

و كالعادة، نجد أول هذه الأمور في أقوال الذين سبقونا.

قال الفيلسوف فولتير: «إنني سأخالفك الرأي، لكنني سأدافع حتى الموت من أجل حقك في قول رأيك». هذه المقولة لا تعني فقط الدفاع عن حرية التعبير و الرأي، بل أيضاً يمكننا أن نقول إن قبل دفاعك عن حرية الرأي، يجب أن تحترم خصمك وتتلقى رأيه بعقلانية ومن دون غل. فربما خصمك حقاً على خطأ، أو ربما هناك لا يوجد رأي خطأ أو رأي صحيح، لكن عليك أن تستمع، تستوعب، وتقول رأيك باحترام ومن دون اللجوء إلى تقليل شأن خصمك.

«فولتير لم يقل هذا»! أسمع القارئ يقول بتعجب. قال فولتير بأن عليك إن تدافع عن قدرة رد خصمك، أليس كذلك؟ فلماذا تبالي بالدفاع عن تلك الحرية التي تمنح الآخرين مقاومتك؟ لأنك تحترم الرأي الآخر، ودوماً تحاول فهمه ومقارنته بما أنت تراه صحيح... إلا إذا كنت دكتاتوراً في التفكير، أو كان إيمانك ضعيفاً.

وربما القارئ يعلم بأن فولتير كان معادياً للإسلام والأديان بشكل عام (كان ذلك ناتجاً عن مفهوم سطحي للإسلام من قبل فولتير والذي نجده اليوم للأسف عند بعض السفهاء من المسلمين المتعصبين)، لكن هذا لا يعني بأن كل ما نطقه فولتير في الأمور الأخرى غير صحيح ويجب أن نتعامل معه بنوع من الاستنكار.

كلا، فهنا نأتي إلى نقطة مهمة، وهي عدم اختلاط المشاعر القوية من موضوع إلى آخر، لأن يمكنها أن تضل طريقنا في النقاش، وتعيق المشاركة باسلوب ناضج وبناء لتوصيل رأينا.

ومن مقولة مصدرها القرن الثامن عشر إلى مقولة من الزمن الحاضر، إليكم العالم كارل سيجن الذي قال: «أفضل علاج لفكرة خاطئة هي حجة أفضل، وليس قمع الأفكار».

وخصوصاً في زمن تتخالط فيه الشعوب والآراء أكثر من قبل، مهما يكن نقاشكم المقبل، من ذلك المهتم بالمال والتجارة، إلى أمور أغزر مثل السياسة والدين، دعكم من التأثر بالمشاعر، وحاولوا أن تستخدموا دائماً تلك الهبة الربانية التي لا يجب أن نفرط بها، العقل

العدد 1279 - الثلثاء 07 مارس 2006م الموافق 06 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً