البحرينيون يعتقدون أن جلالة الملك أرسى مفهوما جديدا للسلطة في البحرين ، عبر تغييرها من سلطة أمنية إلى سلطة تنموية. وهذا المفهوم أتى نتاج مشروع اصلاح وطني وتزامن مع بيئة عالمية «لوبي دولي» يتجه نحو الدمقرطة والاصلاح.

النموذج البحريني الجديد في السلطة حقق الكثير من الانجازات، ولكن حتى هذه اللحظة لم تتكرس صورة النموذج البحريني في السلطة على الأرض... أي عند الممارسات اليومية التي تقوم بها مؤسسات هذه السلطة الجديدة.

الكثير من مواطني هذا البلد يعتقدون بضرورة إعادة تأهيل رجال ومؤسسات العهد السابق ولن أقول «الحرس القديم»، لأن هذا اللفظ قد يترك بصمات غير ايجابية، فالكثير من المسئولين لم يدركوا فلسفة اصلاح السلطة (من الهرم الى القاعدة).

ولعل سائل يسأل: هل تغيرت صورة وزارة الداخلية متمثلة في الجهاز الأمني؟ نعم. نقولها بكل ثقة، ولكن بقايا وترسبات 30 عاماً من السلطة الامنية المطلقة المهيمنة على كل مناحي الحياة لا يمكن أن تغير بين يوم وليلة، وعند الحديث عن موقع الجهاز الامني في النموذج الجديد للسلطة فهذا يعني اهمية وجود سلطة امنية تمارس صلاحياتها وفق القانون لحماية المنجزات الديمقراطية والتنموية.

النموذج البحريني الجديد للسلطة حاول ولايزال يحاول تغيير صورة الجهاز الأمني، وفعلاً أجرت الدولة الكثير من التغييرات الجوهرية ومن اهمها: تغيير كثير من المسئولين السابقين والمتهمين بارتكاب فظاعات ضد المواطنين، فالوزارة اليوم على رأسها وزير محنك قادر على إدارتها بشكل جيد، ولكن الترسبات والوجوه القديمة لن تجعل من الاصلاح هدفا سهلا في متناول الوزير او حتى الحكومة ذاتها.

على أن الاصلاح وتغيير نمط التعامل مع المواطنين لا يجب ان ينحصر في وزارة الداخلية وحدها، فهناك الكثير من الوجوه والمؤسسات التي نخرها الفساد حتى النخاع، وهي بحاجة الى تأهيل حقيقي متمرس، وفي موازاة ذلك هناك قطاع عريض من المواطنين قد شرب من ينبوع القمع السابق، فهناك - مع الاسف - جيل بحريني كامل ابصرت عيناه القمع، وهذه البيئة الفاسدة ستحتاج الى وقت طويل وجهد أكبر لإعادة تأهيلها!