العدد 1266 - الأربعاء 22 فبراير 2006م الموافق 23 محرم 1427هـ

البعد الإنساني

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

قبل عشر سنوات كان من المحتمل جدا ان يعجب قراء الصفحة الاقتصادية من مشاهدتهم لزاوية تخصص لموضوع «التمويل السلوكي» وقد يزداد تعجبهم عندما يعلمون بأن كاتب هذا البحث من خريجي كلية التجارة في جامعة شيكاغو التي تعتبر، ومنذ زمن طويل، مرجع رجال الاقتصاد العقلانيين والاسواق عالية الكفاءة، على اي حال، ما هو الاقتصاد المالي وما المقصود بالتمويل السلوكي؟

قبل تناول الموضوع الذي نحن بصدده، من المهم ان نأخذ في الاعتبار بعض جوانب التاريخ، ان ما يطلق عليه غالبا تعبير «التمويل الحديث» هو عبارة عن ظاهرة جاءت بصورة اساسية بعد الحرب العالمية الثانية، ان الرواد في هذا المجال، بما فيهم ماركوويتز، ميكر، موديغلياني وشارب (جميعهم يحملون جائزة نوبل) ساعدوا في افتتاح مجال كان اقرب للمحاسبة منه إلى الاقتصاد وقدموا ادوات رياضية احدثت ثورة في عالم الاقتصاد.

ان طريقة جعل الاقتصاد المالي دقيقا يتضمن نتاجاً جانبياً غير مقصود، وهو ان التمويل اصبح مجالا خاليا من العنصر البشري. ان اساتذة المال مهتمون بالدرجة الاولى بنتائج الاسواق المالية ، مثل : الاسعار ، الحجم، أرباح الأسهم، المكاسب، وما إليه، والقليل من الاهتمام يوجه إلى الاشخاص الذين يعملون على الحصول على هذه النتائج، مثل المستثمرين، التجار، مديري الحقائب، مديري صناديق التقاعد، وهكذا.

وبدلاً من ذلك تم تشكيل هؤلاء العاملين باستخدام فرضيات قياسية للاقتصاد الحديث، ويفترض فيهم ان يأتوا بنبوءات غير منحازة (انهم يمتلكون توقعات عقلانية) ويتوصلون الى قرارات في مواجهة فقدان الثبات والاستقرار وذلك بناء على بديهيات نظرية المنفعة العامة المتوقعة.

الا ان الحياة ليست بهذه السهولة. فقد تعلم علماء النفس وعلى مدى العشرين سنة الماضية، الكثير عن الكيفية التي يتوصل فيها الناس الحقيقيون الى تنبؤات وقرارات، والدروس المستفادة من هذا البحث هو ان السلوك الفعلي لا يوصف بصورة جيدة بواسطة افتراضات اقتصادية بسيطة، فهناك خيارات في التنبؤات، والخيارات تتأثر بعوامل خارجية مثل الطريقة التي يتم فيها وصف الفرص الاستثمارية.

إذاً هناك جانب سلوكي في الموضوع. وهناك طريقة تساعدنا على فهم السوق من خلال استخدام علم السيكولوجية وذلك بشرح ما يسمى بلغز علاوة السهم. وعلاوة السهم هي عبارة عن الفرق في العائدات بين الأسهم والسندات، واللغز يشير الى حقيقة ان هذا الاختلاف كبير جداً. فعلى مدى السبعين سنة الماضية او ما يقارب ذلك، كان معدل العائدات الفعلية على الأسهم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نحو 6 إلى 7 في المئة سنويا، بينما عائدات السندات اقرب إلى 1 في المئة. وزيادة على ذلك، فإن هذا الاختلاف هو صحيح تقريباً في كل بلد. لماذا يريد المستثمرون ان تكون تعويضاتهم عالية لهذه الدرجة لامتلاكهم الأسهم؟

تدل البحوث في علم النفس على ان الناس يظهرون نفورا من الخسارة، وذلك يعني انها اكثر حساسية لخسارة المال من كسبه. وبصورة تقريبية فإن خسارة 100 دينار تسبب اذى بمقدار ضعفي ما يعطي كسب 100 من سعادة. بالنسبة إلى المستثمرين فان النفور من الخسارة يجعل الاستثمار في موجودات ذات مجازفة مثل الأسهم غير جذاب اذا جرى تقييم العائدات بصورة متتالية

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1266 - الأربعاء 22 فبراير 2006م الموافق 23 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً