يمكن القول بصورة عامة، ان أداء البورصة البحرينية وبقية البورصات الخليجية كان إيجابيا جدا خلال العام الماضي 2005، إذ حققت هذه الأسواق مكاسب جيدة للمستثمرين فيها سواء على صعيد التوزيعات النقدية الموزعة أو على صعيد ارتفاع المؤشرات السعرية التي تحقق مكاسب رأس مالية لهؤلاء المستثمرين.
ومع ذلك، فإننا لا زلنا ننظر بعين القلق إلى أداء أسواق الأسهم الخليجية - ونحن نتحدث هنا تحديدا عن حجم النشاط والتحركات السعرية فيها - وذلك نتيجة تأثره الكبير وفي كثير من الأحوال بعوامل غير أساسية non-fundemental factors، أي أن حجم النشاط والتحركات السعرية يتأثران في كثير من الاحيان بعوامل غير مرتبطة بأداء الشركات المساهمة المدرجة في هذه الأسواق أو بأداء الاقتصاد أو البيئة السياسية والاستثمارية، وانما بعوامل تكاد تكون غير واضحة المعالم، وأهواء المضاربات البحتة التي تتسم عادة بنفس قصير في تقييم أسعار الأسهم (ارتفاعا وانخفاضا)، علاوة على توافر السيولة الكبيرة وقلة الفرص البديلة المتاحة. ولعبت العوامل الأساسية مثل أداء الشركات المساهمة وتحسن الأوضاع الاقتصادية وانخفاض الفوائد المصرفية دورا مهما ولكن جاء في المرتبة الثانية من حيث الأهمية.
ان هذه الظاهرة - وقد يختلف معنا البعض فيها - تعود من وجهة نظرنا الى ما تعانيه هذه الأسواق من صعوبات هيكلية ذاتية وموضوعية. ومن بين الأسباب الذاتية، يذكر المحللون ضعف البنى التحتية لهذه الأسواق وضعف ثقة المستثمرين بأدائها البعيد المدى ما يضفي طابع المضاربات على التداول علاوة على محدودية الادوات المالية المتداولة وضعف الشفافية وقلة عدد المتعاملين النشطين، ما يخضعها إلى معاملات مفتعلة في كثير من الاحيان. أما بالنسبة إلى الأسباب الموضوعية يكمن أهمها في حقيقة أن انتعاش ايرادات النفط لم تطل تأثيراته بعد الكثير من الانشطة الاقتصادية الأخرى التي يعاني الكثير منها من الركود وكذلك عدم وضوح الاستراتيجيات التنموية الطويلة الأجل للاقتصاديات الخليجية ما يؤثر سلبا على حجم استثمارات القطاع الخاص اجمالاً في أنشطة وقطاعات هذه الاقتصاديات.
ولننظر الآن الى جملة العوامل سواء المتعلقة بالسوق نفسها أو بالاقتصاد ككل والتي تسهم في محدودية حجم ونشاط ودور اسواق الأسهم الخليجية. ففيما يخص العوامل الذاتية يبرز أمامنا اولا محدودية جانب عرض الأسهم. والمقصود هنا عدم وجود سوق نشطة للاصدارات الجديدة (السوق الاولي) الذي يوفر عرضاً متواصلاً ومتنوعاً للأسهم وغيرها من الاوراق المالية التى تجذب المستثمرين لشرائها والاستثمار فيها. كذلك محدودية الطلب على الأسهم والذي يتمثل بصغر نسبة كمية الأسهم المتداولة مقارنة بالحجم الاجمالي للأسهم المصدرة أي معدل دوران الأسهم. ومن العوامل المهمة الأخرى هي ضعف حماية المستثمر في السوق نظراً لغياب القدر الكافي من التنظيم والرقابة والقوانين. اما بالنسبة إلى العوامل الموضوعية، فإن أسواق الأسهم الخليجية تعاني من عدم وجود اهداف اقتصادية وتنموية محددة لها ، كذلك غياب البرامج والسياسات التي تعرف دورها ضمن مراحل النمو الاقتصادي المختلفة. علاوة على ذلك فان الاختلالات والسلبيات التي تعاني منها بيئة الاستثمار تحد من عجلة الاستثمارات الكبيرة الجديدة، إذ ينظر اليها كونها تحمل مخاطرة كبيرة. كذلك فان برامج تنويع مصادر الدخل والتخصيص لاتزال لم تكتسب ملامح جدية بع
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ