أوضحت زيارة سمو رئيس الوزراء إلى تركيا في الأسبوع الماضي مدى إدراك حكومتنا أهمية تركيا ليس من الجانب السياسي فقط بل أيضاً من الجانب الاقتصادي، وذلك عبر الوفد الرسمي الذي تضمن ممثلو القطاعين الخاص والاستثماري وعبر الاجندة التي لم تتجاهل النقاشات المتطلعة نحو التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
بعد الصدمة الاقتصادية - السياسية في العامين 2000 -2001 ومع مشاركة صندوق النقد الدولي في إعادة تأمين الاستقرار الاقتصادي، بدأت تركيا تشهد تحولاً ملحوظاً للأفضل لم يسبق له مثيل منذ نحو عقدين من الزمن. منح المصرف المركزي التركي استقلاليته، الصادرات ازدادت وكفاءة الإنتاج تحسنت. ولكن مازالت هناك الأمور الكثيرة التي لا يمكنها أن تعدل في فترة بسيطة، غير أن عزم تركيا بأن تكون جزءاً مقتدراً و عضواً كاملاً من الاتحاد الأوروبي يؤشر إلى نظرة تتطلب التفاؤل.
ويمكننا أن نستفيد من تاريخ تركيا في تعزيز اكتفائنا من الناحية الصناعية والعلمية. فعندما أسست دولة تركيا في العام 1923 من بقايا الدولة العثمانية لم يكن هناك الرأس مال ولا الخبرة في الاقتصاد الحر، لكن اليوم لدى تركيا اقتصاد يزيد حجمه على 500 مليار دولار. وتتطلع تركيا للاستفادة من قدراتها وقوة مؤسساتها والشركات الخاصة والحكومية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
فمع العولمة و بعد تاريخ اقتصادي متعثر، نجد مستقبل تركيا ونموها المستمر يتحققان على طريق التواصل في تثبيت عقيدتها الاقتصادية المعاصرة على الانفتاح والتعاون الاقتصادي على مستوى القطاعين العام والخاص، من فرص دمج الشركات التركية والأجنبية إلى الخصخصة وحتى توفير العمالة المحترفة. ولقد شهدت تركيا أخيراً الكثير من الحركة في قطاعات المصارف، الاتصالات، الإعلام، والسياحة مع الشركات الأجنبية والدول الأخرى. و شهادة لثقة الاتحاد الأوروبي باقتصاد تركيا، فقد منح «سايسكام»، أحد مصانع الزجاج، قرضاً من دون ضمان قدره 60 مليون يورو في العام الماضي.
صحيح أن تركيا مازالت في بداية طريق استعادة قواها وحل عجزها الاقتصادي، لكن هذا لا يعني أن نتركها في حالها ونمتنع عن الاستفادة من النمو المحتمل. فالإصلاح الاقتصادي هو بذاته فرصة استثمارية لمن يجرؤ بتبني مستقبل واعد لبلد يمتد من آسيا إلى أوروبا. ونتمنى من المصارف، الشركات والدوائر الحكومية بأن تثابر على ايجاد وانتهاز الفرص مع نظرائهم في تركيا. في تلك البلد التي يزيد عدد سكانها عن 74 مليون نسمة ومع التطور المشهود في القطاع المصرفي وتخصيص الكثير من المؤسسات التمويلية العامة تكمن فرص لمصارفنا بأن تستثمر وتطور الخدمات المصرفية ومنها الإسلامية. فحالياً تقدر النسبة المملوكة من المصارف التركية من قبل الأجانب نحو 14 في المئة
العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ