العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ

احذروا تجمع أكثر من خمسة!

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الثامن عشر من فبراير/ شباط 2001 أعلنت الحكومة إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمته سيئتي الصيت، ومنذ ذلك اليوم أصبح الوضع في البحرين أكثر أماناً مع وجود بعض التحفظات على بعض التصرفات، إلاّ ان الأغلب الأعم هو سيادة حرية التصرف والتعبير دون تهديد أو وعيد.

رغم إلغاء هذا القانون إلاّ أن البقايا والمخلفات الناتجة عنه لازالت باقية، فعلى سبيل المثل قانون العقوبات الذي لازال يحظر تجمع أكثر من خمسة أفراد، ما يعرضهم للمساءلة والاستجواب عن أسباب هذا التجمع.

قد تحتج المؤسسات الرسمية على هذا الطرح، إلاّ أن الواقع يفرض نفسه متمثلاً في قضية ''المطار'' التي حكم المتهمون فيها بأقصى عقوبة، من خلال حبس 12 متهماً مدة عامين مع النفاذ بتهمة التجمهر، في حين تمت تبرئة المتهمين الـ 13 من تهمة الإتلاف التي أسندت إليهم، كما برأ القاضي أحد المتهمين الـ 13 من تهمتي التجمهر والإتلاف.

المحكمة عللت حكمها الذي عوقب به المتهمون بأقصى عقوبة استناداً للمادتين 178 و179 من قانون العقوبات، اللتين تحظران أي تجمع لأكثر من خمسة أشخاص بغرض ''الإخلال بالأمن العام''! وهي كلمات مطاطية، إذ تصل مدة العقوبة إلى 3 سنوات في حال شروع واحد أو أكثر من المتجمهرين في استخدام العنف، إلاّ أن القاضي برأ المتهمين من تهمة الإتلاف وأدانهم بتهمة التجمهر.

واستندت المحكمة في حكمها على اعتراف جميع المتهمين بتجمهرهم، إذ إنهم حضروا للمطار بنية جعل السلطات تطلق سراح الشيخ محمد سند الذي كان معتقلاً آنذاك.

هذا الحكم أعادني إلى الوراء بضع سنين، عندما صدر هذا القانون أبان حوادث التسعينيات، فكانت النكات تتناقل بين الناس في الشارع العام، فكانوا يعدّون أنفسهم في حال الوقوف في الأماكن العامة، ويعلقوا على الشخص الخامس ليفارقهم حتى لا يتعرضون للاعتقال بتهمة التجمهر.

منع تجمهر أكثر من خمسة في التسعينيات كان بسبب سعي الحكومة للسيطرة على الوضع وإثارة الرعب بين الشباب المتجمع والمحتج على الوضع في ذلك الوقت، ولكن بقاء هذا القانون حتى الآن دون مسبب يعني بقاء مخلفات أمن الدولة التي عطلت الحياة وكبّلت الحريات العامة.

الدستور كفل للمواطنين حق التجمع والتظاهر والاعتصام وحرية التصرف بما لا يسبب أيّ ضرر للآخرين، بينما القوانين المنفذة له تكبل الحياة ويساء استغلالها بشكل ''سافر وفاضح''، إذ برأت المحكمة المتهمين في حوادث المطار من التخريب، وحكمت عليهم بأقصى عقوبة لتجمعهم، فهل هذا معقول؟ سؤال يحتاج إلى إجابة من قبل المسئولين، ومن قبل نواب الشعب الذين سكتوا عن هذه القوانين المعيقة للحريات.

القضاء سلطة حكم بين المختصمين، فلا يجب أن تميل أو تتأثر لطرف ضد آخر، ويجب عليها أن تنظر في الأمور من باب الواقعية، بعيداً عن أي تأثيرات سياسية، فالمملكة بحاجة إلى الاستقرار والأمن الذي يتحقق من خلال العدالة بين الجميع حاكماً ومحكوماً. في الختام ستبقى مادتا 178 و179 من قانون العقوبات شاهداً على استمرار قانون أمن دولة رغم إلغائه وتكبيل الحريات حتى يتم إزالتهما من الوجود

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً