ثمة علاقة طردية بين «حق»، وبين «المعارضة القانونية»، كل إضافة سياسية للجمعيات السياسية يتبعها خطاب تهميشي لـ «حق»، على أن أي فشل للجمعيات المعارضة في إدارة الملفات السياسية الوطنية هو بمثابة «الغذاء الاجتماعي» لـ «حق».
نعم، قد تكون حق «كائناً» سياسياً طفيلياً، إلاّ أنها كائن سياسي «مكبسل»، بمعنى أنها قادرة على الاختفاء عند الضغط السياسي من قبل قادة الرأي العام من رجال الدين واليسار السياسي، والرجوع متى ما كان هؤلاء قادة الرأي متمترسين خلف خيارهم التقليدي «السلبية السياسية»، أو حين يغادرون البلاد لأسباب خاصة، حتى تنتهي الأزمة.
كما أن المظاهرات الشعبية هي ورقة ضغط سياسية للمعارضة حين تستفزها الحكومة، وكما أن «جهاز الأمن» ورقة ضغط تلوح بها الحكومة حين تتخذ جهة ما خيار التظاهر من دون استحصال الإذن القانوني، لابد أن تعي الجمعيات السياسية أن حركة الحقوق والحريات (حق) هي ورقة ضغط جديدة بين يديها.
سياسياً، يحق لتكتل «حق» إضعاف أي منجز سياسي للمعارضة في الأشهر المقبلة قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذ إن إخفاق الجمعيات السياسية هو نجاح لـ «حق» ولمشروعها السياسي. وسياسياً لابد للمعارضة القانونية أن تتنبه إلى أنها تمتلك اليوم «منظومة سياسية» حليفة، هذه المنظومة التي نشأت بفلسفة صدامية مع الجمعيات، وهي بالأساس نتاج استقالات وخلافات حادة، هي في الوقت نفسه «حليف سياسي» جيد.
من العقلاني، أن الخطاب السياسي التفاوضي للمعارضة مع الحكومة سائر على افتراض مفاده، إما أن تقبل الحكومة بالمعارضة القانونية والمنضوية تحت أنظمة الدولة، أو عليها أن تقبل بالتفاوض/ الصراخ مع حركة الحريات والحقوق (حق)، على أن موجة الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط الكبير لا تحتمل «صراخاً سياسياً» في المنامة. والحكومة - منطقياً - لن تجازف بمثل هذا الخيار.
هذا، لا يعني بالضرورة أن تكون المعارضة ذكية، فالمعارضة قبلت بقانون الجمعيات السياسية ولم تقبض ثمن هذا القبول الذي عنونته بعنوان مهلهل «التسجيل والتحدي»! وقررت المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، وكان لها أن تطلب مقابل هذا الخيار التاريخي حلحلة نصف ملفاتها العالقة لكنها لم تفعل.
الجمعيات السياسية مهيأة لقبول ما هو أكثر تحت قبة البرلمان، عبر سلسلة من العروض «الترويجية المجانية». وهي لم تفكر في أي شيء تتحصل عليه بعد هذه التنازلات، وهي لم تنجز أي شيء يذكر حتى الآن، ومروّجو حركة الحريات والحقوق (حق) يصرون على أن البرنامج الحكومي الأخير للتوظيف، هو أول منجز سياسي لـهم.
بين «حق» المهددة للجمعيات المعارضة وقواعدها الشعبية، وبين «حق» الحليف وورقة الضغط القوية، «حق» للناس وأحلامهم، لا يريده أحد.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ