الكثير من البحرينيين يهمسون في إذن المرأة البحرينية قائلين قلوبنا معك، ولكنهم أيضاً في موقع آخر يهتفون: وسيوفنا ضد ترشحك في البرلمان. قد لا يجأرون بذلك وقد يلبسون ثياباً تنكرية ويدعون انهم مع المرأة في حقوقها، لكنهم يخبئون كل الطوب والحجارة الإعلامية، بل كل سكاكين المواجهة لتمزيق أي خطاب يدعو إلى ترشح المرأة سواء في المجالس البلدية أو البرلمانية.

المرأة أصبحت قطعة ديكور سياسي يزين واجهاتنا السياسية وأحزابنا ليس إلا والدليل أن الكثير منا تزداد غريزته الذكورية ضد المرأة ساعة دقات أجراس الاستحقاقات كما حدث في الكويت، إذ ضاع حق ودم المرأة لسنين طويلة بين القبائل إلى أن تدخل الأمير الحالي وحسم الأمر وعبر الطرق القانونية.

وفي نهاية المطاف انتصر الموقف المعتدل في دعم المرأة وتكسرت كل طبول الدعاية والرهاب المتوجسة من فتنة دخول المرأة للبرلمان انطلاقا من القاعدة الأصولية: (سد الذرائع) التي عادة نجرجرها في مواقع لا تتناسب مع ما طرحت له. فكي نسد ذريعة انحراف المرأة لابد أن نبعدها عن مواضع الفتن التي منها البرلمان. وأثبتت التجربة كما يقول الشيخ القرضاوي في كتابه الفتاوى المعاصرة: (المبالغة في سد الذرائع كالمبالغة في فتحها). في السابق ضحكنا على المرأة، منعناها من الدراسة في المدارس والجامعات بحجة سد الذرائع فإنها ان تعلمت الكتابة ستقوم بكتابة رسائل الغرام وكأن دراسة الكتابة لا تعلم إلا الانحرافات، ثم اتضح ان المرأة المتعلمة تسطيع أن تقرأ القرآن أيضاً، وكذلك اسم الدواء قبل أن تعطيه لابنها فتقتله بالخطأ إن كانت أمية والمرأة إذا درست في الجامعة سنحتاجها لإجراء العمليات للنساء أيضاً وهكذا.

ودعونا ننطلق بالادلة الفقهية: الا يترتب على عدم ترشيح المرأة في البرلمان ضياع مصالح كثيرة أكبر من المفاسد؟ باعتبار أن البرلمان عبارة عن موقع نستغله للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم أن الاستشهاد بآية «الرجال قوامون على النساء» (النساء: 34) لا تدعم المدعي في ذلك فجملة من المفسرين ومنهم سيد قطب في تفسيره في ظلال القرآن يرى أن الآية مقتصرة على الوضع الأسري والدليل قوله (بما انفقوا) التي تركز على النفقة في الأسرة. إذاً لماذا نلوي عنق الآية لنجرجر القيمومة إلى السياسية فنقول إنها تشملها؟ إذاً لا دليل ناهض على مدعي الرفض.

لقد جاء في تراجم البخاري باب باسم: (باب غزو النساء وقتالهن) وهودليل اضافي على أن المرأة كانت تشارك حتى في الغزوات والقتال لصالح الأمة.

أنا أعتقد أن السيدة خديجة زوجة النبي (ص) كانت سيدة الأعمال الأولى في العالم وقبل شيوع التجارة الرأسمالية أو الاشتراكية وما إلى ذلك. كانت تعمل في التجارة وبعض الروايات تقول كانت تمتلك ما يقرب 10000 ناقة، وكانت بالنسبة لدعوة الرسول الثقل الاقتصادي والسؤال: هل بعد زواجها من الرسول (ص) منعها من الاستمرار في التجارة والاقتصاد؟

إن رأي صاحب الميزان في تفسير القرآن، بأن أية القوامة تشمل حتى الأمور العامة ليس قويا، بل إن ما طرحة الشيخ شمس الدين في كتابه «أهلية المرأة للسلطة» هو الأقوى والأكثر متانة.

نحن بحاجة إلى إعادة قراءة التراث - كما يطرح خاتمي في كتابه «بيمة موج» - وبأدوات اركيولوجية حفرية لنخرج الروايات التاريخانية التي جاءت في سياقات خاصة كرواية «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، ونضعها في سياقها الخاص مع دراسة دقيقة لأسباب النزول.

أدبياً، يقول الطيب صالح: «إن الحضارة في رأيي هي أنثى. وكل ما هو حضاري هو أنثى». ويقول ناظم حكمت: «وطني حيث تكون زوجتي».

دعونا نرشح المرأة البحرينية للانتخابات فهي تستحق الدعم. هل يأتي يوم وتتولى المرأة البحرينية رئاسة مجلس النواب؟ ولم لا.