العدد 1263 - الأحد 19 فبراير 2006م الموافق 20 محرم 1427هـ

الديمقراطية بالدولار الأميركي!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تبدأ وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس اليوم (الاثنين) جولتها في الشرق الأوسط، من أجل مزيد من الضغوط على سورية وإيران وحركة حماس. في أولى محطاتها سيسمع المصريون «بعض العتاب» لتباطؤ وتلكؤ مسيرتهم «الديمقراطية». وستعرب عن أسفها «البالغ» لقرار الرئيس مبارك تأخير الانتخابات المحلية لمدة عامين.

كوندي القادمة لتلقين حكام المنطقة أبجديات «الحضارة»، قالت إن «مصر يجب أن تبقى على طريق الديمقراطية»! ولوّحت بالجزرة: «الوقت غير مناسب لاتفاق تبادل حر مع مصر، نظراً إلى التقدم الضئيل الذي أحرز»، ولا ندري كم قيمة هذه الجزرة!

وبعد أن تنتهي من عتابها الرقيق، سرعان ما ستكشف الحية عن أنيابها، بمطالبة مصر بالامتناع عن تمويل السلطة الفلسطينية بقيادة «حماس»، فالديمقراطية التي تنادي بها امبراطورية الشر الأميركي، مطلوبةفقط بشرط الالتقاء مع المصالح الأميركية، وعدم التعارض مع المصالح الاسرائيلية، فهذه هي المعادلة التي يجب أن تفهمها الشعوب العربية.

والأمر نفسه ستكرّره كوندي في العواصم الخليجية، إذ ستطالب المسئولين في مجلس التعاون بالامتناع عن تمويل حماس، فالمطلوب رأس حماس معلقاً على الرمح. وفي المقابل، ستناقش مع دول المنطقة سبل مواجهة تصرفات إيران. وسبق أن دعت علناً قبل أسبوع إلى تغيير النظامين في دمشق وطهران، وهي مستعدةٌ للدفع بالدولار! فقد طالبت الكونغرس بدفع مبلغ 75 مليون دولار لتمويل «عملية نشر الديمقراطية» في إيران، فيما قرّرت منح المعارضين السوريين 5 ملايين دولار فقط! ويبدو أن لكل رأسٍ سعراً في سوق الأغنام الأميركية.

امبراطورية ذات مكاييل مزدوجة، ومعايير مضطربة، تصفّق لديمقراطية الأصدقاء الحلفاء، وتهدّد ديمقراطية المضطهدين الفقراء! فهنا تستفز الديمقراطية عواصم الغرب الديمقراطي... من واشنطن إلى عواصم الاتحاد الأوروبي، لمواجهة حماس، ومعاقبة الشعب الذي اختارها لتمثيله!

إذن، المنطقة أمام ديمقراطيةٍ مدفوعة الثمن بالدولار! في إيران يدفعون من أجل عيون الديمقراطية 75 مليوناً، وفي سورية 5 ملايين فقط، بينما في فلسطين فلابد من تجريد الشعب الفلسطيني من حقه في الاختيار، كما تم تجريده من قبل من أرضه، ومن سلاحه، ومن كرامته التي تهدر كل يوم على مذبح الاحتلال. فالفلسطينيون عليهم أن يختاروا ما اختارته واشنطن، وإلاّ... فليستعدوا للعقوبات والحصار!

«اسرائيل» الحبيبة بدأت من جانبها، الحرب بفرض عقوبات اقتصادية على السلطة، بالسطو على الاموال التي تجمعها من عائدات الرسوم الجمركية والضرائب (وتشكل 30 في المئة من موازنة السلطة)، أعقبه توجيه «نداء أممي ديمقراطي» إلى المجموعة الدولية لتوقف على الفور مساعدتها للفلسطينيين!

انها خطة تجويع الشعب الذي ارتفع على المذابح والتهجير والقتل اليومي... تطبّق بمباركة آلهة الديمقراطية السوداء... كوندليزا رايس!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1263 - الأحد 19 فبراير 2006م الموافق 20 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً