لا بد لنا بداية أن نؤمن وأن نؤكد على أنه لا يجوز لأي كائن من كان أن يستهزىء أو أن يتعرض بسوء لمعتقدات الناس أياً كانت تلك المعتقدات.
فما بالك إذا كان ذلك الاستهزاء يتعلق بالأنبياء والرسل، لقد أثارت الرسوم الكارتونية المسيئة للنبي محمد (ص) التي نشرت في إحدى الصحف الدنماركية وأعيد نشرها في عدة صحف أوروبية أخرى ردود فعل غاضبة لدى المسلمين في جميع مناطق الكرة الأرضية، وهذا الغضب هو حق طبيعي، إلا أن التعبير عنه قد تجاوز ما هو مقبول وما هو معقول، فهل من المقبول والمعقول أن يكون عاقبة خطأ الصحيفة الدنماركية يتحمله الشعب الدنماركي كله دون أدنى تفريق بين من يقر تصرف الصحيفة تلك وبين من لا يقره، فالجميع أصبح لدينا في كفة واحدة من الميزان.
لنا أن نسأل أسئلة كثيرة وعديدة، حتى نصل إلى أن نسأل أنفسنا: هل هناك ثمة مسئولية يتحملها العرب والمسلمون أدت إلى الإهانات التي لحقت وتلحق بهم؟ نسأل: هل يحق لغضبنا هذا أن يصل إلى حرق علم الدولة التي تنتمي إليها تلك الصحيفة، وهو رمز لدولة ورمز لشعب فيه الكثير من الأصدقاء والمتعاطفين مع قضايانا؟ هل يحق لغضبنا هذا أن يصل بنا إلى حرق السفارات التي تعتبر موقع سيادة للدولة صاحبة السفارة؟ ألم يتظاهر الملايين من الشعوب الأوروبية ضد الغزو الأميركي للعراق؟ ألم يتظاهر الملايين من الشعوب الأوروبية مناصرين لشعبنا في فلسطين؟، في الوقت الذي فيه الملايين من الشعوب العربية يغطون في سبات عميق؟! في الوقت الذي يجب فيه استنكار وإدانة ما قامت به الصحيفة الدنماركية والصحف الأخرى التي اساءت إلى النبي محمد (ص)، إلا أنه يجب علينا أن نسأل وأن نتساءل ألا توجد علينا مسئولية ما جعلت مثل هذه الصحيفة أن تتطاول على أعظم مقدساتنا؟ نعتقد أن هناك أسباباً تعود إلينا نحن المسلمين والعرب على وجه الخصوص هي التي تجعل الأرض ممهدة أمام من يريد التصيد في الماء العكر للإساءة إلى كل ما هو عربي وكل ما هو مسلم.
بعيداً عن تفكير المؤامرة أليس من مصلحة «اسرائيل» إثارة العداء لدى المجتمع الغربي ضد كل ما هو عربي وما هو مسلم؟ فإذا لم نتجاوز نحن هذه الأسباب فإن تشويه معتقداتنا سيكون هو الأمر الوارد دائماً، وهذه مسئوليتنا.
أليس من قام بهجمات سبتمبر وهجمات مترو الأنفاق في لندن ومترو الأنفاق في مدريد هم من العرب أو المسلمين؟ أليس من قام بها يتوشح بلباس الإسلام؟ ماذا فعلت الشعوب العربية والشعوب الإسلامية لاستنكار هذه الأفعال غير الإنسانية؟ هل تظاهرنا وسيرنا المسيرات المليونية التي تستنكر مثل هذه الأعمال الإرهابية؟ عندها نستطيع أن نقول للشعب الأميركي وللشعوب الأوروبية إننا حقاً متضامنون معهم ونبرأ من مثل هذه الأعمال ومن القائمين بها.
ألم يقم الزرقاوي بنحر رؤوس البشر الأبرياء كما ينحر الجزار الخراف؟ هذه التصرفات الهمجية التي صورت على أشرطة الفيديو ووزعت على القنوات الفضائية، وكانت تتم باسم الإسلام، ألا تؤدي مثل هذه الأعمال إلى تشوية صورة العرب والمسلمين والإسلام معهم؟ ألم تؤدِ تفجيرات طابا وشرم الشيخ وعمِّان إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين في المجتمع الغربي؟ هل قامت تحركات شعبية فاعلة تستنكر مثل هذه الأعمال؟ الغربي أصبح يفهم أن الإسلام يحتقر المرأة، الإسلام يحرم ويحتقر الفنون بجميع أنواعها، الإسلام يحث على كراهية الآخر، الإسلام هو مظاهر عاشوراء من لطم على الخدود والصدور وشج للرؤوس وإسالة الدماء وضرب الظهور بالحديد والسكاكين.
باختصار المواطن الغربي يفهم أن الإسلام يعني القهر والاضطهاد والتخلف.
إذن إذا لم نصلح من أنفسنا فسنكون مسئولين عن كل ما يصيبنا ويلحق بنا من إهانات، وبالتالي مع الاحتفاظ بحقنا في الدفاع عن الإساءات التي وجهت إلى أقدس المقدسات وهو النبي محمد (ص)، فإن المسئولية الأولى تقع علينا لأننا نحن المتسببون الرئيسيون في الحال التي وصلنا إليها
العدد 1262 - السبت 18 فبراير 2006م الموافق 19 محرم 1427هـ