يمكن القول ان المشروعات التي تحقق عوائد كبيرة لابد ان تنطوي على درجة من المخاطر ايضاً من الناحية الاستثمارية. ولم تعد مرحلة التنمية التي تمر بها البحرين وبقية دول المنطقة تتيح فرصاً كبيرة للربح والعائد السريعين كما كان في الماضي أو كما يتوهم البعض. فهذه المرحلة لاتزال تقتضي انشاء وايجاد الكثير من المشروعات في المجالات الصناعية والزراعية والمالية والخدمية والمالية والتقاولية. وهذه المشروعات تنقسم إلى قسمين رئيسيين النوع الاول هو نمط المشروعات التقليدية كالصناعات الغذائية والبتروكيماوية القائمة على النفط والألمنيوم. أما النوع الثاني فهو نمط الصناعات المتقدمة والتي تتضمن تقنيات عالية، وقيمة مضافة كبيرة أيضا كأجهزة ومعدلات الاتصالات والمواصلات والإعلام والإلكترونيات. ولعل المخاطرة الرئيسية التي تمثل تحدياً أمام قمة النوع الاول من المشروعات هي المنافسة على مستوى اسواق دول المنطقة نفسها، إذ يتماثل اقامة الكثير من المشروعات المماثلة في دول خليجية مختلفة.
وبالتالي، فإن مصدر الخطر الرئيسي يكمن في المنافسة ضمن اسواق دول المنطقة مما يتطلب من اجهزة القطاع الخاص ومؤسساته وفعالياته جهوداً متواصلة وكبيرة لاقامة كارتلات صناعية على مستوى دول المنطقة ككل مما يخفف من حدة المنافسة البينية.
اما بالنسبة إلى النوع الثاني من المشروعات، فلعل المدخل الأفضل له هو المشروعات المشتركة مع المستثمر الاجنبي، وهناك الكثير من الشواهد الناجحة في التجارب الآسيوية. ان سعة وتنوع الاسواق والمصدرين في العالم يتيح درجة اكبر من الحرية والانتقاء من جهة، ومن جهة اخرى فان مشروعات الاوفست الخليجية تمثل هي الاخرى مدخلاً ملائماً لتنفيذ هذه المشروعات.
لذلك، فإن النظام المصرفي يحتاج بالفعل إلى مزيد من العمق والتنويع. وعلى سبيل المثال هناك حاجة ماسة لتطوير دور البنوك لتتجاوز وظائفها التقليدية المالية. كذلك تستدعي الحاجة تطوير أسواق رأس المال والنقد. وتشجيع قيام بنوك الاستثمار ومؤسسات تشجيع وترويج الاستثمار والادخار وبنوك التنمية ذات الملكية الخاصة، بالاضافة إلى تطوير أدوات السياستين المالية والنقدية. والاهم من ذلك ان يتم ربط هذه التطويرات ببرامج الاصلاح الاقتصادي والأهداف الموضوعة لها وذلك بافتراض ان دول المنطقة تمتلك هذه البرامج بالفعل او تسعى لوضعها في المرحلة المقبلة بالنظر إلى أهميتها البالغة في تشجيع القطاع الخاص على القيام بدور اكبر ورئيسي في التنمية.
كما ان على القطاعين المالي والمصرفي ان يستفيد من اتجاهات تحرير الخدمات المالية على المستوى العالمي. وتوجد عدة طرق يمكن من خلالها تحرير الخدمات المالية وتعزيز كفاءة القطاع المالي بدول المنطقة، إذ يمكن للمؤسسات المالية الخليجية ان تستفيذ من مزايا اقتصاديات زيادة حجم الانتاج وان تتخصص وفقاً لمزاياها التنافسية. ويمكن ان تنشأ مؤسسات مالية متخصصة في بعض قطاعات السوق. واضافة إلى ذلك بامكان البنوك ان توسع من نطاق الخدمات المرتبطة بمجال تخصصها لتستفيد من مزايا زيادة نطاق الانتاج.
وسيؤدي فتح الاسواق المالية الى توفير منافع كثيرة جراء نقل المهارات والتقنية المصرفية الحديثة والتي تشمل المعارف في الممارسات الادارية المتقدمة، وآخر المستجدات في الادوات المالية، والممارسات المحاسبية، ومعالجة البيانات. ومع ترجيح ان يزيد نطاق الادوات المالية المعروضة في اطار البيئة المالية المتحررة، سيوافر للمستهلكين في الدول الخليجية عدد أكبر من أساليب تنويع محافظهم المالية لتحقيق الاداء المالي الامثل. ايضا سيسهل على الشركات المحلية ان تختار افضل مزيج من الأسهم او ادوات الدين الأخرى لتمويل.
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1258 - الثلثاء 14 فبراير 2006م الموافق 15 محرم 1427هـ