هل كنت مخطئا يوم أن قلت لأحد المسيحيين الخيرين إنكم أكثر منا رحمة ومحبة لبعضكم؟ تذكرت تلك الكلمات حينما ناولني صاحبي متألما رسوما كاريكاتورية تنال من النبي محمد (ص) كانت احدى الصحف الغربية قد نشرتها ضاربة بعرض الحائط بكل القيم والمبادئ الانسانية التي نادى بها السيد المسيح (ع). فألقيت نظرة على واحدة منها ولم أستطع النظر إلى بقيتها.
هل كنت يومها مخطئاً؟ لا أعتقد ذلك. فقد لمست بأم عيني كيف هي أخلاق اخواننا المسيحيين الخيرين الذين هم في وداعة وصفاء نفسي كبير ولم أكن قد شاهدت صورة أخرى لهم. ولكن يحسن بي أن استدرك هنا لكي لا يظن بمقالي الظنون. فما لمسته إبان دراستي كان خلقا عاليا ومحبة كبيرة من قبل المسيحيين لشخص الرسول محمد (ص) وأهل بيته ولا أزال حتى اليوم أحتفظ في ذاكرتي بالكثير من أقوال المسيحيين في النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الكرام ولاتزال تلك الكلمات النافذة التي قالها لامارتين وتوماس كاريل وآخرون فضلا عن المسيحيين في الشرق أمثال جورج جرداق وميخائيل نعيمة تستحضرها ذاكرتي. ولا أزال حتى اليوم أتذكر كيف أن المسيحيين في البحرين لم نكن نفرق بينهم وبين المسلمين. ولكنني اليوم لا أستطيع تصديق أن بعض من ينتمي إلى سماحة ومحبة وعطف الدين المسيحي يمكن أن تخرج منهم إساءة للنبي الأكرم محمد (ص). فأن تظهر الاهانة من قبل اليهود فقد حدثت من قبل ولكن أن تخرج تلك الرسوم من بلد يؤمن بحرية المعتقد ويتباهى بأنه عالم مسيحي فذلك أمر يدعو للريبة. ولا شيء يمكن أن يخفف من ذلك الألم الذي سببته تلك الصور للمسلمين من أن يعلن جميع المسيحيين الخيرين استنكارهم لتلك الممارسات المرفوضة. فالحقيقة أن الكثيرين من المسلمين أحسوا بصدمة شديدة والكثيرين منهم لا يستطيعون التفريق بين مسيحي شرقي ومسيحي غربي. غير أن الأمر الذي يدعو الى الدهشة هو أننا كمسلمين لم يحدث قط أن تناولنا أحد الأنبياء بما يسوء أبدا، فالمسيح (ع) نبي من أنبياء الله تعالى وصاحب رسالة سماوية وله ما لنبينا الكريم محمد (ص) من التقديس، شأنه شأن بقية الأنبياء (ع)، ومع ذلك نرمى بالارهاب والاستبداد وعندما تصدر تلك الرسومات المشينة من دول غربية تدعي تعلقها برسالة السيد المسيح (ع) ينظر اليها على أنها شيء من حرية التعبير
العدد 1253 - الخميس 09 فبراير 2006م الموافق 10 محرم 1427هـ